دونت في ذكرى ثورة 17 فبراير العاشرة عن الثورة، وعما تعنيه الثورة. لكني لم أتحدث عن الحلم اليوتوبي الذي مثلته الثورة.

أجد نفسي في الذكرى الحادية عشرة للثورة أتحدث عما حدث بعد الثورة، وذلك بعد أن تحدثت عن جرائم القذافي. مجيبًا عن سؤال: لماذا قمنا بالثورة؟

يوتيوبيا (المدينة الفاضلة)

خرج علينا المحللون، والناشطون، والخبراء الاستراتيجيون – أي كان معنى هذا -. ووعدونا بالخيرات، والتطورات. وأن ليبيا ستصبح مثل (دبي). واشتهر بعضهم بمقولة أن المرسيدس ستوصل الخبز إلى المنازل، عوضًا من أن تشتريه من المخبز. وغير ذلك من الوعود البراقة، والأماني الرنانة. والتي ارتبط كلها بسقوط العقيد. وليبيا جديدة من بعده.

ديستوبيا (الكابوس المدروس)

لم تتحول إلى ليبيا إلى (دبي)، ولم تصبح جنة وفيها الكعك. ولم تصل المرسيدس التي توصل الخبز بعد. وتبخرت وعود السياسيين والمسؤولين بأن الخير “جاي”. وابتلعت ليبيا موجات من الاقتتال والحرب الأهلية. حولت الحياة فيها إلى جحيم مقيم. ولتتذيل عاصمتها الأبية القائمة في أقل المدن قابلية للسكن. وليدمر قرابة نصفها في أخر جولة حرب قامت..

وحدة الوجود السياسي

صهر العقيد كل السلطات في ذاته: السلطة التشريعية، والتنفيذية، والآلة العسكرية، والصحافة. لذا سقطت الدولة بسقوطه. ويبدو أن الشعب قد نسي كيف يبني دولته. ما هي الأدوات التي تتيح للشعب ممارسة السلطة، والرقابة عليها؟ ما هو دور الدستور؟

غياب المحاسبة

من سمات الدولة الليبية ما بعد القذافي غياب المحاسبة. ترى وزراء ورؤساء يتقلدون مناصب، تنتهي مدتهم في الحكم ليغادروا مسرعين، دون أن يسائلهم أحد عما فعلوه – وما أكثره -، وعما لم يفعلوه – وما أكثره هو الآخر! -.
بل إن بعض من أشعلوا الحروب وأسالوا الدماء أنهارًا، ترشحوا لرئاسة الدولة، كأن شيئًا لم يكن!!

هل من ضوء في أخر النفق؟

الأمل في الله سبحانه ليخرج ليبيا من أزمتها، ويأذن باليسر بعد العسر.

في الختام

إن مرت بك المرسيدس حاملة الخبز، فأفسح لها الطريق. فهي تحمل الخير الذي جاي!