سجائر رياضي هي نوع سجائر كان ينتج محليا في ليبيا بمصنع التبغ الواقع بمنطقة قرجي بالعاصمة طرابلس. تتميز علبته بالألوان: الأحمر والأزرق والأبيض. وعليها رجل يجري بنشاط منقطع النظير!

دلالات الشعار

هذا الشعار يمثل قمة التناقض التي تميز حياة الشعب الليبي، فعلى سبيل المثال نسمي الفحم (بياضًا) ولونه شديد السواد! ونسمي الأعمى (بصيرًا). وهو لا يرى أمامه!

نفس التناقض يسمي الدخان، سم العصر وقاتل الإنسانية باسم رياضي! وهو قمة الغش والتدليس.. أعتقد أن مثل هذه المؤشرات تعطي فهما أفضل للهوية والشخصية الليبية، ألا تتفق؟

ذكريات مع الرياضي

أذكر أن هذا النوع من السجائر كان يصرف في الجمعيات الاستهلاكية بشكل إجباري خلال فترة الحصار الاقتصادي بتسعينيات القرن الماضي، هل هي طريقة الحكومة في بيع إنتاج المصنع خوف كساده؟

ماذا يعنيه هذا الدخان بالنسبة لي؟

بالنسبة لي كان يمثل قمة التمرد والعصيان، شراء خمس سجائر رياضي بربع دينار من المحل القريب من المعهد وتدخينها كان دائمًا يمثل حرقة في الحلق. لم أتقن أبدًا فن شفط السجائر ونفتثها من الأنف مجددًا. ولما حاولت فعل ذلك تطور البرد الذي لدي إلى أزمة شعيبات هوائية محترمة تركت التدخين على إثرها لأجل غير مسمى!

الرياضي يمثل بالنسبة لي خيبة الحب من طرف واحد، الصد والهجر. وكل المجهودات الضائعة التي فشلت في الوصول لهدفها. لم أجد لذة قط في التدخين، بل في زفر الدخان بشدة إلى الخارج مع تنهيدة حارقة.

لحظة دهشة الرفاق يوم رأوني أدخن واعترفوا أنني لم أعد طفلا ما دمت أقبل عقب سيجارة. هلا أخبرني أحدكم ما العلاقة بين التدخين والرجولة؟ أليس الأطفال المنحرفين يدخنون؟ أليست بعض النساء تحب التدخين؟

تساؤلات في محلها!

لماذا أضر  نفسي لألفت انتباه شخص لا يعيرني اهتمامًا؟ أود لو أستطيع العودة بالزمن لأصفع نفسي صفعة مدوية أفيق على إثرها من الوهم!

استمر إنتاج هذا التبغ حتى سنة 2014 وتوقف بسبب الاشتباكات العنيفة المعروفة بفجر ليبيا وتم نهب المصنع وحرقه ولم تقم له قائمة حتى الآن.

هذه العلبة من بقايا مخزنة هنا وهناك، أحتفظ بها للذكرى. لأيام لن تعود، لشباب ضاع وراء رجل يجري نحو الضياع!

سجائر رياضي

ذلك الماضي الذي يبدو سحيقًا الآن.. الكثير قد تغير من حولي. أصدقاء وافتهم المنية واخزون انقطعت بيننا حبائل الود. حتى مواقع الإنترنت قفلت واختفت ولم يعد هناك سوى أرشيف الويب ليذكر بما مضى وانقضى..

لذلك أحتاج هذه العلبة الفارغة لتذكرني بفترة من حياتي، ربما لم تكن الأروع ولم أشعر فيها بشعور جيد. لكنها كانت خطوة على الطريق الذي أوصلني إلى هذا المكان. وهذا فقط كاف بالنسبة لي.

علبة صغيرة تنير مسارات الذاكرة وتلقي الضوء على عتمة التيه، على أشياء كادت أن تنسى ويغطيها الغبار.

هل لديك تذكارات من زمن غابر ترفض التخلي عنها؟ ما هي تذكاراتك؟