صوت عملة نقدية تقع في آلة اﻷركيد.. تنهض اﻵلة من سباتها الصناعي وتبدأ في بعث أصواتها المعدنية
تظهر عبارة: ابدأ اللعبة ..
هل تبدو لك هذه اﻵلة مألوفة؟

تأخذ أنت زمام القيادة .. فلتكن أي لعبة من زمن الثمانينيات بها نفس الكليشيه القديم المستهلك: بطل ينقذ أميرة ..(سوبر ماريو) إذا؟ خيار ممتاز!

يتحول (ماريو) القزم الصغير إلى أرعن يطاول عنان السماء .. يتسامى فوق حبات الفطر والخنادق وكل العوائق التي تراها أمامك بلا كلل أو ملل..

يتعاطى مع كم مهول من الصعاب : أميرات مزيفات .. تنانين تنفث النار. ويحدث أنه يقع كثيرا ويموت ويعود للبداية كما كان صغيرًا وضعيفًا.

ماريو المسكين يقع نحو حتفه

عبارة “نهاية اللعبة” لا تفت في عضد (ماريو) الذي يقف هناك وكأن شيئًا لا يعنيه .. يقفز وينط ويتشقلب، ويركض في أحيان أخرى في سبيل ما يؤمن به ويجعل قلبه يخفق.

بعض الصعوبات التي يواجهها ماريو

وفي النهاية يعثر (ماريو) على ضالته المنشودة .. أميرته بعد كل المشاق والصعاب تنتظره في القلعة اﻷخيرة وتعزف لك موسيقى الانتصار المعدنية. يتقارب الثنائي على استحياء رغم أن أحدهما سباك واﻷخرى أميرة المملكة كلها..
صرخ أخي مستنكرًا بعد جولة مطولة أحرق فيها أعصابه ومحول جهاز (الفاميلي) ليتم اللعبة قائلًا : “كيس البطاطا هذه أميرة؟؟”.

ماريو وبولين في المشهد الختامي للعبة

فاملي وليس أركيد .. لا تركز في هذه التفاصيل!

ربما في عينك هي كيس فول مدمس .. لكن عين المحب عن كل عيب كليلة. قد يكون كيس الفول هذا بالنسبة ل(ماريو) هو قمة الجمال والسحر والفتنة .. تلك الفتنة التي أنبتت للسباك الإيطالي البدين جناحين جعلاه (سوبر ماريو).

لقد فزت بقلب اﻷميرة (بولين) أو (خوخة) حسب الجيل الذي تنتمي إليه.

كل محب تحول لنسخته الخاصة من البطل الخارق.. بعضهم يطير بجناحين واﻷخر يسبح في الماء.. وبعضهم لديه سيارة فارهة، لا تشغل نفسك بالشكليات كثيرًا فكل بطل له أميرة خاصة به تتوافق مع نمط تنقلاته الذي تقمصه وتاريخ المتصفح الذي ينسى مسحه غالبًا..

ماذا يحدث بعد أن ينال البطل الخارق أميرته؟ تفعل الطبيعة فعلها.. الحب هو أكسير يجعل من حياة شخصين معًا ممكنة ولو لفترة وجيزة. تجميل رومانسي لفكرة حفظ النسل والفصيلة.
خدعة لجعل فردين يكرسان حياتهما لتربية أفراد أخرى.
هذا يجعلنا – في عقولنا –  أرقى من ذبابة الفاكهة التي تعيش لثلاثة أيام فقط وهدف واحد منسوج في خلايا الدي أن أي الخاص بها: التكاثر..

ماذا عن بطل لم ينل؟

هل تعرف (لينك)؟ ذلك الشاب اﻷشقر ذي الملابس الخضراء؟ أول علامات بؤسه أن كل الناس تسميه (زيلدا) – وأنا منهم، تطلب مني اﻷمر وقتًا لمعرفة الفرق -. هو من يقوم بكل العمل واسمه ليس حتى على غلاف اللعبة! هل تريد ما أسوأ من ذلك؟ ينقذ اﻷميرة (زيلدا) مرات ومرات وهي تعتبره “صديقًا” لها.. هذا ما يعرف بالحب من طرف واحد.. تم دفن (لينك) في المنطقة العازلة بين الحب والصداقة المعروفة بالفريندزون أبد الدهر ..

لينك وهو يحمل حجر القوة الثلاثي

ما قصة نينتيندو واﻷميرات اللاتي ينقذهن الخدم والسباكون؟ لا أعلم!

لماذا كل أمثلتي عن نينتيندو وأنا من عشاق السيجا؟

هل تسألني أنا عن الحب؟ أنا البطل الذي لم ينل .. تحطمت سيوفي كلها على دروع العدى .. وجناحيّ اللذان تساميت بهم ذابا عندما قربت أكثر مما ينبغي لأهوي من حالق..

حقيقة لا أظن أنني مؤهل للإجابة عن هذا السؤال أو أي سؤال أخر.. فليس لدي بين أضلاعي من اليقين مثقال ذرة.
مرة بعد مرة تغريني الحياة بمفاتنها ثم تخرج لي لسانها مداعبة وتلطمني على وجهي، ثم رأسي وجذعي.. ترميني أرضًا شامتة وتشيح عني..

أنا رجل على الحافة .. ورائي أرض صلدة تغريني بالركود إليها على أمل بيوم آخر ومحاولة أخرى .. وأمامي هوة سحيقة يناديني خوائها كي أقفز وأتحد فيها مع اللاشيء .. سقطة سباح من فوق منصة حوض سباحة أولمبي .. فأين المفر؟

صوت العملة تقع في آلة اﻷركيد .. ابدأ اللعبة.