في مرحلة ما من طفولتي كنت مشغولا جدا بمراقبة الطيور من حولي، ما أنفك أنظر للسماء باحثًا عن طائر أسجله في مفكرتي، وكانت هذه الفترة من أسعد فترات حياتي!

البداية

كنت منبهرًا بشكل خاص بالطيور البحرية كبيرة الحجم، من أمثال البلشون والنحام الوردي وطيور النوارس، وملاحظة هذه الطيور في منطقتنا القريبة من البحر دفعتني دفعًا لتحويل هذه المشاهدات العشوائية إلى هواية. كان يجب أن أتأكد من وجود مثل هذه الهواية لذلك طالعت موسوعة بريتانكا (هذا قبل دخول الإنترنت إلى بيتنا) لمعرفة المزيد عن الموضوع!

طير النحام الوردي، مصدر الصورة الحياة البرية مصر

كتاب أوجستو تويسكي نقلة نوعية

هذا الكتاب من ترجمة اﻷستاذ عياد العوامي فتح لي آفاقًا واسعة حول الطيور الليبية، أجناسها وأنواعها ومناطق تواجدها، والمقيمة والمهاجرة،  ومدى ندرتها من عدمه. كما أن ملحق الصور ساعدني على التعرف على الطيور بمختلف أنواعها والتمييز بينها (يوجد الآن تدوينة كاملة حوله).

كما أن كتاب طيور العالم الذي تلقيته هدية من شقيقي علاء ساعدني كثيرًا على التعرف على عائلات الطيور، وكان قراءة ممتعة للغاية.

معدات المهنة

كبرت مجموعتي شيئًا فشيئًا، من مفكرة صغيرة وقلم، انضم لها منظار وكتاب الملاحظات، ثم تدريجيا منظار أكبر ومفكرة أكبر بعد أن انتهت اﻷولى، قيدت فيها ملاحظاتي بالتاريخ والمشاهدة وأي ملاحظات كحالة الطقس أو اتجاه طيران الطيور والصوت الذي تصدره. تستطيع أن تقول أن بدايتي الحقيقية مع التدوين كانت من هنا.

أين أراقب؟

حيثما حللت أو رحلت لا بد أن ألتفت نحو السماء وأنظر لعلي أصادف طائرًا نادرًا، ساعدتني رحلات الكشاف على الذهاب لمناطق خلوية تزدهر فيها الحياة البرية أكثر من المدن، ولو أن أغلب وأجمل مشاهداتي كانت بالمدن لا اﻷرياف.

طير اللقلق أثناء الطيران، مصدر الصورة الحياة البرية مصر

تدوين بأثر رجعي

بعد أن احترفت الهواية قمت بتدوين كل المشاهدات التي أذكرها من الماضي واجتهدت في البحث عن التاريخ وكتابة التفاصيل بأكبر دقة ممكنة، لتظل شاهدًا حيًا على ما رأيته واختبرته.

ماذا عن الوقت الحالي؟

لم أعد أمارس هذه الهواية، تعرضت الكثير من الطيور للصيد الجائر وتناقصت أعدادها بشكل كبير، وما وقع في أيدي الصيادين إما انتهى في قدر المبكبكة أو تم بيعه على موقع سوق ليبيا المفتوح لأعلى سعر!!

طائر بائس معروض للبيع، مصدر الصورة السوق المفتوح

لكنني لا زلت أراقب السماء، ويمكنني التعرف على معظم الطيور المحلية بمجرد سماع صوتها أو لمحها بطرف العين. أعتقد أن العادات القديمة تموت بصعوبة..

أحببت في هذه الهواية رؤية الحياة البرية بالقرب من البشر، مشهد متاح للكل لكن القليل من يختار رؤيته. جمال الطيور البحرية وهي تحلق في تشكيل بالقرب من الغروب، هذه المناظر ستبقى في ذاكرتي للأبد.

طير النحام الوردي، مصدر الصورة الحياة البرية مصر

ختامًا

ما هي الهوايات التي كنت تمارسها وأنت صغير؟ هل لا زلت تمارس هوايتك حتى اﻵن؟ شاركني في قسم التعليقات، وشكرا لك على القراءة.