الجنس والجنسية، ولون البشرة، والعرق.
الإرتباط المقبول وغير المقبول
قرأت في مكان ما أنك لو كنت فوق الخامسة والعشرين. فإنك غالبا التقيت بشريك حياتك بالفعل. بالنسبة لي هذه فكرة محبطة للغاية، فأنا أمضيت حياتي كلها في ليبيا وتحديدًا طرابلس لثلاثة عقود هي مدة حياتي حتى الآن – بإستثناء زيارات قصيرة ومحبطة للشقيقة تونس– . هل يجب علي أن أمضي حياتي مع شخص ما فقط لأنه موجود ضمن دائرة ضيقة ليس لي فيها أدنى ذرة من التحكم؟
كما أن هذا الشريك يجب أن يخضع لمعايير ومواصفات وهمية ومائعة، يحددها “الناس” الذين ربما لم ينالوا حظًا كافيًا من التعليم أو التجارب الحياتية الكافية للحكم على الأمور بشكل موضوعي.
ومن باب الموضوعية فلنحاول وضع ما يشبه المعادلة لهذه الأمور
- يجب على شريك حياتك أن يكون من طبقة اجتماعية مقاربة، لا أعلى ولا أدنى.
- بلون بشرة مقارب للونك.
- وعائلة قريبة من عائلتك.
- ومستوى تعليمي مقارب لمستواك (لكن يجب أن يكون مستواك أنت أعلى).
على هذا الحال يجب أن أنقسم ميتوزيًا أو أستنسخ نفسي، ألن يكون ذلك ملائما؟
هل كان أبواك ليوافقا على زواجك من فتاة سمراء (على فرض أنك أبيض البشرة، يمكنك تغيير هذا إلى بيضاء لو كنت أسمر)؟ مسيحية؟ امرأة سبق لها الزواج؟ أرملة؟ رغم أن كل هذه الزيجات مباحة في الدين الإسلامي إلا أن نسبة موافقة أهلك على عروس من هذه المواصفات شبه معدومة. أو أنك حقًا تمتلك زمام حياتك!
لماذا تتزوج؟
تتزوج لأن الناس تتزوج.. لأن الناس ستتكلم إن لم تتزوج. كيف تتأكد من مشاعرك تجاه هذا الكائن الذي يشاطرك فراشك وما تبقى من حياتك؟
ونتيجة هذا القران المقدس طفل وأطفال لو كنت محظوظًا، شخصيًا أنا لا أعرف..
ربما لا تطيق شريك حياتك وتتحمله من أجل الأطفال، الأطفال الذين أتوا نتيجة اقترانك به مثل طرفة الأحجار والعمود (عمود ينبه الناس لوجود أحجار بالطريق، وأحجار تثبت العمود لكي لا يقع!!).
تستمر في طاحونة البؤس هذه حتى تصل إلى سن التقاعد، فتجد أبنائك وقد انفضوا من حولك وتركوك لشيخوختك.
الدراسة والعمل
هذا السقف يحدد أيضًا ما ستدرسه بالجامعة، وبالتالي مسارك الحياتي بشكل كبير. عادة ما يكون ملائمًا لرغبة الأهل أو ما تعتقد أنه حلم حياتك، بينما أنت تعيش أحلام شخص أخر على أنها أحلامك أنت ورغباتك أنت.
خياراتك الوظيفية تخضع لوهم الاختيار، فأنت تعمل حسب قانون العرض والطلب، وقد يحدث أن يتم وضعك لسد فراغ أنت لست أهلا لسده ولكنك ترضي “الناس” بأن لديك عملا ووظيفة.
في أحيان كثيرة درجة إتقانك للعمل لا تهم، بل الواسطة التي أوصلتك إليه. كذلك مدى إتقان التملق ونفاق الإدارة العليا. هذا يفسر لماذا يصل أفراد معدوموا الموهبة إلى مراتب عليا بينما يحرم المتفوقون من نيل ذات المناصب. الواسطة والمحسوبية هي عماد آخر لذلك السقف الزجاجي الذي يحكم حياتك منذ اليوم الأول.
جنسيتك وجواز سفرك
جواز سفرك يحدد أن يمكنك أن تذهب، عدد التأشيرات التي يجب أن تحصل عليها لكي تدخل البلد الذي تريد، وكذلك نسبة الرفض والقبول.
الاسم على ذلك الجواز عامل أخر.. (تدوينة الجوازات كانت ولا زالت التدوينة اﻷكثر قراءة على مدونتي).
السيارة
يجب عليك إقتناء السيارة التي تتوفر بالسوق، والتي يجيد الميكانيكي صيانتها، والتي سيوفر تاجر قطع الغيار قطع غيارها. المفارقة هنا أن هؤلاء يزعمون أنهم يخدمون الشعب وأن توجه الناس يحدد ما يفعلون. بينما هم يتحكمون في ذوق وحاجة وإقتصاد البلد ككل.
هل تعرف ماذا تسمى السيارات الغير شائعة (أي شيء ما عدا الكيا والهيونداي؟) “حديد مخالف“.
إن كنت “مخالف” لهوى القطيع سيتم رجمك دون رحمة، رغم أنك لم تفعل أي شيء خاطئ!
وهذه العبارة لا تتعلق بالسيارات فقط ..
معضلة القيد والحل
لنفترض أنك فجأة تحررت من كل القيود وملكت إرادتك الحرة، وتحولت من شخص لم يكن لديه حرية اتخاذ القرار إلى شخص لديه مطلق الحرية.. كطفل في محل للحلويات سيختار كل شيء أو لا شيء على الإطلاق.
هذا ما يفعله بعض الأهل (سامحهم الله) مع أولادهم، فمن اختيار كل شيء لهم وعدم ترك أي حرية لاتخاذ قرار، يتم رميهم في عرض البحر دون معرفة السباحة أو سترة نجاة. ما ينتج عنه نتائج عكسية دائمًا.
هذا ما يحدث للحيوان الذي يربى في الأسر ثم يتم إطلاقه للطبيعة فجأة، إنه لا يستطيع التأقلم مع حياة الطبيعة، وإما أن يعود لسجانيه أو يفترس، أو يتم نبذه من مجتمع الحيوانات التي يرغب في الإندماج معها.
الكثير من الخيارات = لا خيار على الإطلاق
هل هناك أمل في كسر هذا السقف؟
لكسر هذا السقف الزجاجي تحتاج كمية هائلة من الطموح والإرادة لا تتوفر للكثيرين.
إذا كانت الموهبة أجنحة فالإرادة هي تيار الهواء تحت الجناحين الذي يحملهما لتفادي السقف الزجاجي الذي يحكم حياتك منذ اليوم الأول.
أكره هذا السقف، إنه يطبق على صدري. كيف لشيء غير مرئي وإطار غير ملموس أن يكون بهذه الصلابة؟ ماذا لو كانت سعادتي على الجانب الآخر من الحاجز؟ ماذا لو لم تكن؟
هل التصاقي بهذا السقف يحدد اتجاهي ونموي؟ يحولني لبطيخة يابانية مربعة؟ أم أن هذا السقف وهم؟ وأن الحياة مثل لعبة عالم مفتوح؟ لنقل ماين كرافت مثلا .. وأن كل شيء تستطيع أن تحلم به هو حقيقة ملموسة؟
في الواقع يتبقى خياران لا ثالث لهما
الثورة
الثورة على كل القيود والأغلال، تحويل الحياة إلى ساحة معارك لا أخر لها. القتال من أجل الحب، القتال من اجل الحلم. القتال من أجل غد أفضل.
لكن ماذا لو تعبت من القتال؟
ماذا لو كانت قضاياك لا تستحق كل ذلك الجهد؟
المساومة
مرحلة أكثر نضجًا من الثورة، حيث تختار معاركك بحكمة لأنك تعلم أن بعض المعارك هي مثل قتال طواحين الهواء.. أمر لا طائل منه.
وتقبل أن هناك قيودَا يجب أن نتعايش معها بدل تضييع الطاقة في جدال بيزنطي محكوم مسبقًا بالفشل.
ولم يكن الاستسلام خيارًا، لذلك لن أتحدث عن ذلك حتى.
ختامًا
رغم كل المعوقات والقيود المعيشية والمادية والعرقية، يحلو لي أن أتصور أن في الحياة أكثر من هذه المسارات المحددة سلفًا التي تخنق بهجة الحياة وتحيلها إلى تكرار رتيب يخدر العقل والحواس والروح. كتكرار نفس الوجبة مرارًا وتكرارًا.
في الحياة ما يستحق الإيمان به والقتال من أجله، من أجل غد أفضل وشمس تشرق على سهول لم ترها أعين من نصبوا أنفسهم كهنة على معائش الناس وأقدارهم.
أمل أن تكسر أغلالك وتنال الحياة التي تظن أنك تستحقها.
8 Comments
جواد · 2019-03-11 at 16:04
تدوينة رائعة للغاية ومعبرة عن حالنا جميعا
نتسابق فيما بيننا في مضمار محدد المسار مسبقا
Muaad Elsharif · 2019-03-17 at 12:19
فكر في اﻷمر على أنه عجلة هامستر ندور فيها جميعا دون الوصول لمكان ما
Mohammedelbashik@gmail.com · 2019-03-20 at 06:00
جميل كل ما تكتبه
Muaad Elsharif · 2019-03-21 at 22:29
هذا من ذوقك، بارك الله فيك
مرحبا بك متابعًا جديدًا للمدونة وأتمنى أن تقضي وقتا ممتعا في المتابعة
Mohammed · 2019-04-30 at 14:53
أحسنت قراءة واقعية للواقع الليبي والعربي بشكل عام انا اتفق مع مبدأ المساومة لأن التمرد ثمنه غالي ولازم تكون مستعد تتقبل الحاجات اللي بتضحي فيها بالمقابل, للأمانة, انا اراه ثمن غالي و بالتالي المساومة افضل و دائما مبادئك الشخصية يجب ان لا تتجزأ
Muaad Elsharif · 2019-04-30 at 14:59
شكرا لك على القراءة والتعليق
وفعلا معك حق: المساومة أبدا لا تكون على المبادئ
ابق بالقرب
Muaad Elsharif · 2019-05-29 at 17:04
Thank you for dropping by and leaving a comment. I wish you can walk down the path you choose for yourself in life.
Anonymous · 2019-05-29 at 16:43
It is right…
If they want us take a specific care we take it for them…
If they want us to take a certain care we take it to help them…
If they want us meet a stone head ,heavy blood people..we meet them for them…
But……….
If they brought a future wife for you and they think she will by a good choice for me…….
If they want us to be like them and leaving our way knowing that our way are best for us and for they future……..
Then the answer of course will be:No
No No No No No No No No
And No
I chose my future wife by Allah and Islam said.
It is okay if they brought a girl they think it will be a good wife to me But I the one who will decide if it good to me or not
I chose the path of my life because I know my self better then…
And even if I did all there choices for my in every thing
THEY WILL BRING ME DOWN…
AND I WILL KEEP WALKING TO IN ROAD THAT I DID CHOSE FOR MY SELF IN LIFE!!!!
Comments are closed.