هذه التدوينة هي تعريف بشيخنا الجليل (عبد السلام محمد خليل) وتحميل أهم مؤلفاته. وهو كتاب صرخة مسلم.

من هو الشيخ (عبد السلام محمد خليل)؟

لن أجد نبذة أفضل من التي كتبت على موقع فضيلته – رحمه الله – والذي طواه النسيان، وصار من أرشيف الويب ولا يمكن إيجاده بالطرق التقليدية، لذا سأقتبس هنا ثم أتم الحديث عن هذا العالم الجليل، وكتابه.

نبذة عن الشيخ (عبد السلام محمد خليل)؟ من موقعه الشخصي

“عالم جليل من علماء ليبيا في القرن العشرين، كانت له إسهاماته الثقافية الغزيرة، وتتلمذ على يديه عدد كبير من الأشخاص، الذين برز من بينهم طائفة من الأعلام في الثقافة والشعر والأدب. وقد كان، رحمه الله، رغم فقدانه لنعمة البصر، واسع الإطلاع، عصاميا، حاملا للواء التجديد والإصلاح، عالما بالمعقول والمنقول، مجلا للتراث، لكنه غير جامد ولا متقوقع، ومن أبرز محطات حياته ما يلي:

* كانت ولادته في بلدة جنزور الواقعة غرب مدينة طرابلس بحوالي خمسة عشر كيلومترا، سنة 1341 للهجرة، الموافقة لسنة 1923 ميلادية.

* بدأ دراسته بالأسلوب التقليدي في زاوية بن حسين في جنزور، المعروفة بزاوية العريفي، على يد الشيخ المرحوم “عبد النبي المنصوري” الذي لقنه الختمة الأولى للقرآن الكريم.

* انتقل بعد ذلك إلى مدينة طرابلس، حاضرة العلم والثقافة الرئيسية في ليبيا، حيث استكمل حفظه للقرآن، وأتقنه على يد المرحوم الشيخ “المهدي النهشيري”.

* انتظم بعد ذلك في حلقات الدروس التقليدية التي كانت تهتم بالفقه والدراسات النحوية والصرفية والمنطق وعلم الكلام، وكانت هذه الدروس تنعقد في معظم جوامع طرابلس الرئيسية وأبرزها جامع “ميرزان” وجامع “الباشا” وجامع “شايب العين” وجامع “درغوت” وغيرها من مساجد مدينة طرابلس.

* تتلمذ في هذه الدروس التي كانت شبيهة في طرق تدريسها بالبيئة الأزهرية التي تحدث عنها دكتور “طه حسين” في كتابه “الأيام” على عدد من مشاهير شيوخ البلاد في النصف الأول من القرن العشرين، ومنهم، عليهم رحمات الله، الشيخ “علي الغرياني”، والشيخ “علي المسلاتي”، والشيخ “أبو بكر بن لطيف”، وأعلام أفاضل آخرون.

* يعترف بالفضل بصفة خاصة لعالم جليل من علماء طرابلس، وهو الشيخ “عبد الرحمن القلهود”، الذي فتح أمامه آفاقا واسعة من الحياة الثقافية والفكرية، وأحاطه برعاية خاصة لما آنسه فيه من فكر مستنير ورغبة حقيقية في المعرفة.

* قام بالتدريس في معهد (أحمد باشا القره مانلي) منذ أوائل الخمسينات من القرن الماضي، ثم انتقل للتدريس بمعهد (مالك بن أنس الديني) في الظهرة في أواخر الخمسينات. وقد تخرج على يديه رعيل من الشباب المثقف الذين كان لهم دور بارز في إثراء الحياة الفكرية للبلاد، وتبوأ بعضهم مكانة رفيعة.

* أوفدته بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، في أواخر عام 1954، إلى المركز الدولي لرعاية وتربية المكفوفين بضاحية الزيتون بالقاهرة، حيث حضر دورات تدريسية مكثفة في هذا المجال تهدف إلى إعادة تكييف فاقدي البصر وإعدادهم نفسيا وثقافيا واجتماعيا ليكونوا عناصر منتجة في مجتمعاتهم، لا طاقات معطلة. وتحصل الشيخ “عبد السلام” على شهادة الكفاءة من هذا المعهد، وأسهم إسهاما كبيرا فيما بعد، بالإشتراك مع الشيخ الدكتور “محمد نشنوش”، في تأسيس جمعية النور للمكفوفين في طرابلس، وقد كانت له، وزميله الشيخ الدكتور “محمد نشنوش”، أياد بيضاء في رعاية هذه الشريحة من أفراد المجتمع، وكان الشيخ “عبد السلام خليل” الذي فقد بصره منذ صباه، خير قدوة لفاقدي هذه النعمة، وكان شعار الجمعية بيتا من الشعر لأبي القاسم الشابي يبعث على التفاؤل وهو:

النور فـي قلبـي وبيـن جوانحـي ********  فعلام أخشى السير في الظلماء

* تحصل عام 1965 على شهادة العالمية من الجامعة الزيتونية بتونس وكان ذلك بفضل تشجيع الشيخ “الطاهر بن عاشور”، رحمه الله، الذي كان عميدا لكلية الشريعة الزيتونية ومفتيا للجمهورية التونسية، وكان شديد الإعجاب بثقافة وعلم الشيخ “عبد السلام خليل” وأسلوبه الخطابي عندما كان يقوم بزيارة معهد مالك بن أنسى الديني في طرابلس لإلقاء محاضرات دورية.

* كانت للشيخ “عبد السلام محمد خليل” في خمسينات وستينات القرن الماضي مساهمات إذاعية متميزة من خلال برامج الإذاعة الوطنية، ومن أهمها أحاديثه التي كانت تذاع تحت عنوان (صور من حياة الناس) و (قبس من نور الله)، وسلسلة من الأحاديث الثقافية والدينية والإجتماعية والأدبية الأخرى التي أثرت في الوجدان الديني والثقافي لشباب البلاد لما يربو عن عقدين من الزمن.

* عالج أيضا المسرحية الإذاعية، والمسلسلات التاريخية، ومن بينها (أمين الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح) و (أبوذر الغفاري)، أول إشتراكي في الإسلام و (السلطان الفاتح صلاح الدين)، وأعمال أخرى.

* كان من مؤسسي النادي الثقافي الوطني بتاريخ 25-2-1948، الذي كان يحمل في البداية إسم جمعية الطلاب الثقافية، واستمر هذا النادي منارة فكرية مهمة لما يربو عن عقدين من الزمن، وكان الشيخ “عبد السلام خليل” عنصرا فعّالا في إدارته وتوجيهه، وقد تمّ من خلاله، دعوة كوكبة من الشخصيات الثقافية العربية والليبية إلى الإسهام بمحاضرات وندوات، كما كان له دوره الريّادي في مجال التعليم. وقد خلفت هذا النادي جمعية النور للمكفوفين بعد حله.

* كان للشيخ “عبد السلام خليل” أسلوبه الأدبي المتميز، سواء في كتاباته الصحفية أو أحاديثه الإذاعية، وقد جمع ذلك الأسلوب بين رصانة أساليب القدامى وسلاسة أساليب الكتاب المعاصرين، ويعود ذلك إلى إطلاع الشيخ الواسع على الأدب العربي القديم، وكتابات أعلام الفكر العربي في القرن العشرين أمثال “طه حسين، و”أحمد حسن الزيات” و”مصطفى صادق الرافعي”، وقد تأثر الشيخ بوجه خاص بأسلوب الأستاذ “أحمد حسن الزيات” مؤسس مجلة الرسالة العريقة.

* له كتاب منشور بعنوان (صرخة مسلم)، وهناك كتابان مخطوطان أعدهما للنشر، ولكن أصولهما ضاعت لأسباب مجهولة، وهما بعنوان (في رحاب البلد الأمين) و(صور من الأدب العربي).

* كان للشيخ “عبد السلام خليل” إطلاع واسع على الشعر العربي القديم والحديث، وقد كانت له محاولاته الشعرية الأولى في أيام شبابه، ومعظمها أناشيد وطنية، ولكنه لم يكن راضيا عنها كثيرا، بيد أن شعره في مراحل حياته المتقدمة، سواء في كهولته أو شيخوخته (سما كثيرا في مبانيه ومعانيه)، كما عبّر عنه الشيخ نفسه، وله قصائد كثيرة يرثي فيها أعلام معاصريه ممن كانت لهم مكانة إجتماعية وثقافية وعلمية، فضلا عن قصائد أخرى، من بينها قصيدتان يعارض بهما بردة الإمام البوصيري وهمزيته، وهما من القصائد الطويلة، كما له بضعة قصائد في أغراض أخرى. وكان الشيخ يأمل في نشر مراثيه وقصائده الأخرى في ديوانين منفصلين، ولكن المنية عاجلته دون تحقيق ذلك، ويقوم حاليا الدكتور “سعدون السويح” بتحقيق الأعمال الشعرية للشيخ، وكتابة مقدمة تحليلية لها، ومن المؤمل صدور هذه المجموعة قريبا.

* انتقل إلى جوار ربه ليلة الإثنين 22 صفر 1425 للهجرة، الموافق 19 إبريل 2004 ميلادية، ودفن في مقبرة (الزغواني) بمسقط رأسه في جنزور، وقد أقيم له حفل تأبين في مركز الجهاد الليبي يوم الإثنين 7-6-2004، ورثاه بقصائد وكلمات مؤثرة عدد كبير من أعلام الفكر والأدب، من بينهم، على سبيل المثال لا الحصر، الشاعر الأستاذ د. عبد المولى البغدادي، وكان عنوان قصيدته المؤثرة “واخليلاه”، والأستاذ علي مصطفى المصراتي، والأستاذ عبد اللطيف الشويرف، والدكتور المنصف القماطي، والدكتور عبد اللطيف المهلهل، والشيخ محمد زيدان. وكان الأستاذ على الديب، رحمه الله، قد رثى صديق عمره الشيخ “عبد السلام خليل” بكلمة مؤثرة في المقبرة قبل أن يوارى جثمانه الطاهر التراب.

* وخلف ورأه الشيخ “عبد السلام خليل” سبعة بنين : جمال الدين , إبتهاج , سراج الدين , ماجد , رباب , ربيع و محمد .

رحم الله الشيخ “عبد السلام محمد خليل”

رحمة واسعة وجزاه خير الجزاء على أياديه البيضاء التي أسداها لوطنه وأمته ودينه.”

كيف وصلني خبر الشيخ عبد السلام محمد خليل؟

في خطبة الجمعة الماضية، ذكره خطيب الجمعة مشكورًا، وذكر مؤلفه. وهو أمر أحمده عليه. وقمت بالبحث عنه. فلم أجد سوى مقتطفات بسيطة على مواقع التواصل، وبمزيد من التعمق وجدت موقعه على أرشيف الويب. لكن لا ذكر للكتاب على الإطلاق!

ريبورتاج مصور عن الشيخ عبد السلام محمد خليل من قناة التناصح

للأشخاص السمعيين، هناك تقرير مقروء عن حياة الشيخ من إعداد مؤسسة التناصح، يلخص نفس الكلام المكتوب على موقعه.

كيف عثرت على كتاب صرخة مسلم؟

تواصلت مع صاحب المكتبة التي وصفتها بأنها (كنز القراءة الذي لا يقدر بثمن)، وبعد 48 ساعة فقط، قام بتوفير الكتاب بنسخة ممتازة!! يمكن تحميله من موقع أرشيف الويب من هذا الرابط. أجدد شكري له على مجهوده في حفظ الأرث الثقافي الليبي. وهو مجهود يستحق الشكر والتقدير ..

الكتاب على قود ريدز

ستجد صفحة للكتاب على هذا الموقع، وأيضًا قمت بإضافة صفحة مؤلف للشيخ عبد السلام محمد خليل. يمكنك زيارتها ومتابعته.

في الختام

أشعر بالكثير من اﻷسى أن عالمًا جليلًا مثل الشيخ عبد السلام محمد خليل نساه أهل بلده، وطوو صفحته. بل منهم من لم يسمع عنه مطلقًا – وأنا منهم حتى وقت قريب -، بينما يلوك شبابنا اسماء جهلة ومتعالمين، أدو بالبلاد للتهلكة بفتاوى الدم، والقتل، والدمار. وعليهم من الله ما يستحقون.

بل أنهم تركوا موقعه ليقفل ويذهب إلى غياهب النسيان، واﻷحرى أن يترك صدقة جارية، وعلما ينتفع به.

رحم الله الشيخ (عبد السلام محمد خليل)، وجزاه عنا خير الجزاء.

هل سبق لك أن سمعت عن هذا الشيخ؟ هل قرأت كتابه؟ شاركني برأيك في قسم التعليقات، وشكرًا لك على القراءة.