هذه القصة مبنية على أحداث حقيقية 100% وكل الشخصيات بها مستوحاة من شخصيات حقيقية لأنها كذلك!!

لقراءة الجزء اﻷول إضغط هنا. وللجزء الثاني إضغط هنا من فضلك والثالث من هنا كذلك والجزء الرابع هنا أيضَا.

في الجزء الرابع توقفت عند الإحباط الذي أصابني من الإمتحان، وكيف أنني سأتحول إلى سبونج بوب مدرسة اﻷمانة إن لم أفعل شيئا!

عدت في الأسبوع التالي ولا أدري حتى كيف استجمعت القوة لفعل ذلك.

 

المدير الجديد وحوار متناقض!

بلغني أن مديرًا جديدًا للامتحانات وصل من المنطقة الوسطى وأنه رجل نزيه ولا يعرف الواسطة. ولحسن الحظ كان ذلك أول يوم له في المنصب الجديد فقرر أن يخطب خطبة عصماء في الممتحنين فقال بلكنته المميزة مخاطبًا الممتحنين:

“أسمع جاي إنت وياها، القيادة هذه مش لعبة هذه أرواح ناس. لأول أمس شاب صغير كيف عودك انت بالضبط (وأشار إليّ) دار حادث بماكسيما رفع معاه 4 أرواح”.

قاطعته قائلًا: “أنا يا أفندي؟” فقال بنفاذ صبر: “إيه كيف عودك إنت” وأشار إلي حيث كنت أمامه مباشرة.
كتمت غضبي بصعوبة بالغة وكنت أسمع صرير أسناني واضحًا لأنني رسبت الأسبوع الماضي بسبب قيادتي البطيئة! والآن يقول أن شابًا نحيفًا مثلي قاد بسرعة جنونية وتسبب في حادث أليم! فوجدت نفسي أتمتم بحسبنا الله ونعم الوكيل.

وهنا استغل  أحد الشباب الذي جاء يقود سيارته الخاصة -والتي تصادف أنها نيسان ماكسيما أيضًا- توقف العميد عن الكلام وسأله: “نقدر نمتحن في سيارتي؟“. فقال له العميد بتلقائية:

“هذه المركبة الألية مخصصة للتعليم والتدريب ومركبتك الخاصة ممنوع تمتحن فيها فاهم الكلام ولا لا يا ولد؟”.

 

الهونداي فيرنا بها مواصفات قياسية وعالمية! عشنا وشفنا!!

تذكرت أنا كيف أن دواس السيارة ثقيل جدًَا ويصدر صوت صرير مزعج وسبب لي إلتواءًا في كاحلي، وأن مقود السيارة من النوع القديم الذي يحتاج لعضلات مفتولة لتحريكه – ليس به هيدروليك- ورغم أن هذه السيارات تتطلب صيانة دورية أكثر بكثير من السيارات العادية إلا أنهم يتعمدون جعلها ثقيلة ليتعلم الطالب في ظروف صعبة بهيجة، أو هكذا قال لي مدربي!!

امتحان الإشارات عند هذه النقطة أصبح شكليات بالنسبة لي ولم أعد أهتم حتى له، بل أكاد أختار إشارات عشوائية وأجيب عليها من كثر فهمي وحفظي للورقة العتيدة إياها!

الإمتحان الرابع – سمعتي تسبقني!

وجاء دوري فصعدت السيارة، وهنا نظر الممتحن إلي وقال: “أنت معاذ؟” فقلت “نعم أنا“. فهز رأسه وهو ينظر في الورق أمامه وقال: “سمعت عليك هلبا حاجات يا معاذ” فسألته مستفهما: “إن شاء الله خير يا أفندي؟” فقال: “يشكرو فيك الجماعة قالوا ولد كويس ومظلوم، خلي نشوفوك حق ولا لا“.
وبالفعل قدت بطريقة جيدة جدًا ونفذت كل التعليمات حرفيًا وطلب مني توقيف السيارة، وقال لي: “انزل”. فقلت له مستفهمًا بشك: “نجحت؟”فقال لي: “إي نجحت”. ومن شدة فرحي نسيت رفع فرامل اليد (فرينو مانو) فقال لي مازحًا: “شد شد الفرينو مانو ولا تبي نسقطك توا؟“. فشددتها بقوة وقلت له: “لا أرجوك!!”.
وعندما طلبت منه الفليلاروزا قال لي:

اللي ينجح ما ياخذش الفيلاروزا في يده!!”.

تمنيت للممتحنين من بعدي النجاح وصافحت الممتحن والعقيد بحرارة وأنا أكاد أنفجر من الضحك والبكاء معًا!

وأخيرًا .. النجاح!!

وخرجت من السيارة وأنا أصرخ من شدة الفرح!! وشعرت وكأن جبلًا قد إنزاح عن صدري في تلك اللحظة، وأنني لم أعد مثل سبونج بوب الذي يفشل في إختبار القيادة مرة بعد مرة. اتصلت بوالدتي وأبلغتها النبأ فسمعتها “تزغرط” في السماعة، وقليلا ما سمعتها تفعل ذلك!

ورأني أحد المارة مبتهجًا فسألني ما الخطب؟ فقلت له صارخًا: “نجحت وطلعت الرخصة!!”.

فرفع إبهامه وقال لي مبتسمًا: “منور!”.

ذهبت للمدرسة جريًا وكلهم نهضوا لتحيتي وعلموا بنجاحي من يديّ الخاليتين من الفيلاروزا. وتلقيت منهم التهاني بالنجاح، حتى مدربي المتجهم كان مبتسمًا وينظر إلي بفخر! وعندما سألته إن كان قد أوصى علي قال ببساطة:

 “أنا عارفك تسوق كويس ومش محتاج حد يوصي عليك..”.

الرخصة

ذهبت بملفي إلى إدارة المرور لأستلم الفيلاروزا لأبدأ إجراءات رخصة القيادة، فتلقاني مدير إدارة المرور وأجابني مستنكرًا:

 “على شن مستعجل إنت؟ توا شوي تسوق لين تعيا من السواقة” وكم كان محقًا!!-.

 فأجبته قائلًا: “المدرسة بعثوني هنا باش ..”.
فقال بنفاذ صبر واضح: “أسمع جاي، أنت معاش ليك علاقة بالمدرسة، إنت توا تتبع قانون المرور خلاص“. و مد يده بالفيلاروزا مختومة وجاهزة للتقديم.
وقال لي: “تمشي تجيب 21 دينار ونص، وأربع صور باش نطلعولك رخصة وبرا قدم عليها من التراخيص اللي جنب السجن ومعامل التحاليل، تزبطه ولا لا؟“.

فأجبته بالموافقة، وطلبت منه أي مساعدة في فهم القانون المروري بشكل أفضل.

كتاب مفيد جدًا لا أدري لماذا لا تصدر منه نسخ كثيرة ويعمم؟

فمد يده لأحد الأدراج واستخرج دليلًا من إصدار إدارة المرور وقال لي:

 “بما أنك مهتم تفهم هذا الكتاب في كل شي تستحقله في القانون المرور الليبي أقراه زين ومعاش تبي شي”. وعندما قلت له أنني سأنسخ بعض الصفحات وأعيده له قال لي: “عيب هذا هدية مني ليك باش تتفكرنا بيه” – وكم كان محقًا!! مجددا!

اﻷحقاد القديمة لا تنسى بسهولة

ثم استوقفني وأنا خارج وقال لي: “زميلكم اللي دار الشغب وتطاول على اللجنة، هذه الفيلاروزا متعه، ووالله ماهو مطلعها الرخصة من هنا وكان يبدأ ما يبدأ. وكان بيزور ولا بيدير مخالفة قانونية هذاكا كلام أخر“.

وهز رأسه مهددًا وهو يعيد الفيلاروزا داخل الدرج من جديد!!

ماهو حال مدرسة الأمانة اليوم؟

منذ وقت ليس ببعيد ذهبت لأزور المدرسة وأسلم على مدربيّ وأعرف أخبارهم، فصدمني أن المدرسة قد أغلقت أبوابها منذ عدة سنوات -مباشرة بعد أحداث 17 فبراير. وأن المدربين عادوا لوظائفهم في لجنة الامتحانات. ولكن الشخص الذي أبلغني بهذه المعلومات وعدني بإيصال السلام لهم.
أما المبنى فهو الآن إدارة لم أتعب نفسي بحفظ اسمها!!

اﻵن وبعد مرور سبع سنوات لا تزال نصائح المدرب و القوانين المرورية حاضرة في ذهني وأحاول تطبيقها ما استطعت. وللأسف تعلمي القانون على أصوله كشف لي حجم الكوارث التي نشهدها يوميًا في شوارعنا في ظل غياب القانون الرادع والخوف من الله.

ما رأيك في هذه السلسلة؟ وكيف كانت تجربتك أنت في تعلم القيادة؟

شاركني بذلك في قسم التعليقات وكذلك شارك التدوينة على وسائل التواصل لتنتشر المدونة.

وشكرًا لك 🙂