هذا المسلسل “مستوحى” من أعمال الدكتور الراحل أحمد خالد توفيق الغني عن التعريف. كفاه أنه حقق هدفه في الحياة وجعل الشباب يقرأون..
هذه التدوينة حرق لأحداث المسلسل.. تابع على مسؤوليتك.
لم أقرأ كامل السلسلة، قرأت بعض القصص وكذلك روايات أخرى من تأليف الكاتب الكبير، مؤخرًا قمت بمراجعة رواية يوتوبيا.

تصنيف المسلسل: رعب، فانتازيا
تاريخ الاصدار: 05/11/2020
عدد الحلقات: 6
إخراج: (عمر سلامة)

بداية .. جدل على السوشيال ميديا

قبيل عرض المسسلسل على منصة نتفلكس نشر المخرج عمر سلامة بوست على صفحته الشخصية بتوصيات للمتابعين حول متابعة المسلسل. من بينها مشاهدة المسلسل في ظلمة تامة وبشاشة كبيرة وبأعلى جودة ممكنة. وهذه الوصايا أثارت موجة من السخرية والنقد. وكمية تعليقات ساخرة بالجملة وكمية ميمز لا بأس بها .. وأعتقد أنها حركة موفقة لاستفزاز المشاهد وجذب انتباهه..

تجسيد الشخصيات

د. رفعت
أعتقد أن أحمد أمين وفق في تجسيد شخصية الدكتور رفعت إسماعيل إلى حد كبير. فهو كئيب وفظ ويسرف في التدخين .. كما أنه استطاع أن يظهر عددا من الانفعالات والمشاهد المؤثرة التي أضافت إلى عمق الشخصية.
أيضا الصراع العاطفي الواضح بين ماضي الدكتور رفعت (ماجي) وحاضره (هويدا) والمخاطر الفوق طبيعية التي تهدد حياة كل من يقترب منه.
ماجي
لا أعتقد أن الممثلة وفقت تماما في تجسيد الدور، فقد بدت باردة وشاردة الذهن (ربما هي هكذا في الروايات). كما أن لكنتها الانجليزية تتقلب بين الاسكوتلندية، والأيرلندية، والأمريكية .. ليست الشخصية المفضلة لدي.
رضا اسماعيل
أكثر من شد إنتباهي من الشخصيات الجانبية هو الممثل الذي قام بدور الأخ الأكبر (رضا). أرى أنه يتمتع بطيف واسع من الانفعالات.. حيث يظهر في البداية في دور الأخ الكبير القاسي. لكن يتضح أنه بمثابة الأب لرفعت في تضحيته وإيثاره. كل شيء صحيح هنا. الملامح والملابس واللكنة.وهذا أمر مبهج عندما تعلم أن جمهورًا من حول العالم يمكنهم رؤية مثل هذا التمثيل العالي.
شيراز الخضراوي
هذه الطفلة تتمتع بهدوء انفعالي وطلاقة عالية لممثلة طفلة. وأرى لها مستقبلا باهرا.
هويدا
مع أن هويدا من المفترض أن تكون خطيبة رفعت التي فرضت عليه فرضًا. إلا أنها تفوقت على ماجي (حب رفعت الأزلي) في الأداء. وكذلك في تطور الشخصية من الفتاة الخجولة المتلعثمة في حضور “أبيه رفعت”، مرورا بتجربة الاقتراب من الموت. وأخيرا في دور انسانة ناضجة استطاعت تخطي الرفض العاطفي والتعايش معه.

الحبكة

تم تجميع عدة قصص لرفعت اسماعيل في حبكة أساسية ومعها حبكة فرعية. لم أرحب كثيرا باستخدام ورق التاروت لأنه يبدو لي ككليشيه. وأيضا يناقض شخصية الدكتور رفعت الذي يقدس العلم ويبحث عن الحقائق المجردة دون إيمان بأي شيء فوق طبيعي. وعدا عن ذلك أعتقد أن انسياب الأحداث والقصص سلس وسريع.

الميثولوجيا

لم يرق لي تماما اعتماد المسلسل في حبكته على عفريتتين من أصل ست حلقات. هما نفس الشيء تقريبا. الطفلة شيراز وتيسير ابنة الشيخ (النداهة). كلاهما فتاتان ماتتا ميتة وحشية وظلت “أرواحهما” معلقة بين الحياة والموت بانتظار دفن ملائم. هنا أرى شبها كبيرا بين “النداهة” وبين طائفة العفاريت “Wraith” والتي انتهى عدوانهما باستخراج الجسد من مكانه.. دون الحاجة لمواجهة أو طقس ترحيل. أو تبرير إضافي لماذا فعلت الشخصية ما فعلت أو ما حدث معها تاليا..

حلقة ليبيا

يسافر الدكتور رفعت صحبة ماجي ولوي إلى ليبيا بحثا عن نبات السلفيوم المنقرض .. ويا إلهي كم لدي من الملاحظات حول هذه الحلقة ..

في البداية، يبدو الانتقال من طرابلس العاصمة إلى الصحراء موطن الطوارق كأنه يحدث لحظيًا. دون مراعاة المسافة الكبيرة التي تفصل بين المكانين.. والتي تقارب المسافة بين القاهرة وطرابلس جوا..

أيضا.. دخل الثلاثة إلى الصحراء بدون ماء؟! كيف يمكن لبعثة استكشافية دخول الصحراء دون زمزمية ماء؟ ربما أفهم عدم وجود الزاد، لكن من دون ماء؟ لم يتم التركيز على الخطر الأكبر في الصحراء.. العطش! كما أن غياب مشهد هلوسات تحت أشعة الشمس الحارقة هو شيء يؤسف له حقيقة!

الطوارق

لدي عدة إعتراضات حول تقديم الطوارق في هذه الحلقة..

• الطوارق لا يتحدثون باللغة العربية، بل لغتهم الأمازيغية.
• زي الطوارق المصور في الحلقة أبعد ما يكون عن زي الطوارق. الطوارق يرتدون تاجلموست وهو زيهم الأزرق الواسع. وأيضا لا يرى الرجل من دون لثامه. بينما كل الرجال في المشهد عراة الوجوه.. بدا لي المشهد كأنه مشهد خارجي من فيلم الرسالة ..

•  تحدث الشاب التارقي عز الدين بلهجة أهل طرابلس، بل وقال يا خونا!! وهو مصطلح شبابي حديث النشأة. لم يكن من لسان الدارجة في عام 69.. ولن يكون لسان الطوارق أبدًا!!
  كذلك عندما قاد بهم الدليل السيارة نحو نصب مصنوع باليد عليه نقوش .. الطوارق لا يبنون بنيانا. بل يرسمون على جلاميد الصخر وينقشون كتاباتهم.
• ختاما أعترض على تصويرهم كقوم عدائيين يحددون مناطقهم بالعنف. بينما شريعة الصحراء تحتم مشاركة الماء مع الأغراب..

هذه فرصة جيدة لمعرفة بعض المعلومات عن شعب الطوارق.

وحش الكهف

الوحش (العساس) هو عبارة عن غوريلا عملاقة. نسخة من كينج كونج! لا يوجد منها سوى زوجان وصغير واحد، وتعيش في عراء من الصخر والرمال.. كما أنها حسب السياق تأكل لحم البشر؟! كل القردة العليا باستثناء الشمبانزي لا تأكل اللحوم وحميتها تتنوع بين الجذور والأوراق والفاكهة. الغوريلا بالذات نباتي حصرًا ويعيش على أغصان البامبو!!

كشخص مطلع على أساطير الطوارق أستطيع أن أوكد أنه لا يوجد أي ذكر لغوريلات أو قردة. ولو كان الأمر بيدي لاخترت حيوانات لديها معان رمزية لدى الطوارق: الورل مثلا، أو الذئب، أو الثعبان. والثعبان بالذات لارتباطه بوانتهيط (الشيطان في الموروث الشعبي التارقي). وأنه أدعى للتصديق أن تقدس قبيلة مفترضة من الطوارق ثعبانًا ضخما يعيش في كهف صخري.. الكهف العاري الخالي من الرسوم ونقوش تيفيناغ التي تميز الطوارق حيثما حلو أو ارتحلوا ..

أيضا لا أفهم العلاقة بين الغوريلا والسلفيوم، هل يساعدها على الصمود ويطول في أمد حياتها في ذلك الخلاء؟ أم أنه نبتة طفيلية لا يعيرها القرد اهتماما في كهفه المسدود بالصخور؟!

نقطة ايجابية: المؤثرات الخاصة جيدة جدا.

التصوير والإضاءة

بشكل عام أعتقد أن التصوير الداخلي والخارجي ممتاز وتمكن من إيصال الإحساس العام بالمشاهد. اعتراضي على طريقة عرض “العفريت” في بعض المشاهد وكيف أنها تكسر قاعدة “Jump Scare” الرعب اللحظي. عندما تترك الشيء الفوق طبيعي لفترة طويلة (ثانيتين إلى ثلاث ثواني) فأنت تخرج من طرفة العين إلى الإدراك. خاصة أن شيراز تم تقديمها منذ بداية المسلسل على أنها شيء فوق طبيعي. وليست طفلة عادية بأي حال من الأحوال. ويمكن مراجعة أي فيلم رعب من اختيارك لفهم الرعب اللحظي وكيف يقوم ببناء التشويق حتى لحظة الكشف عن الشبح أو العفريت..

خلاصة التقييم

كعمل مصري خالص يعرض على منصة عالمية (نتفليكس) هو عمل جيد جدا أمنحه درجة B. شابه من وجهة نظري سوء تقديم بعض المجموعات المحلية وكذلك مقاربة الأساطير ومعالجتها. إلا أنني شاهدت المسلسل بعينين. عين الناقد، وعين المشاهد الأجنبي الذي منعه حاجز اللغة غالبا من متابعة الدراما العربية.

مصادر العمل: كتابات الاستاذ إبراهيم الكوني. من أساطير الصحراء خيار ملائم لبدء فهم عادات وتقاليد وأساطير الطوارق.

مقال من ويكيبيديا حول الطوارق.

هل لديك ملاحظات حول المسلسل أو التقييم؟ شاركني بتعليقاتك وشكرا على القراءة.