قرأت هذا الكتاب في صيف العام 2018 – إحدى أشد سنوات عمري حلكة – وكنت وعدت القراء بمراجعته في يوم من اﻷيام.
ها هو ذلك اليوم قد جاء، ولكن .. لماذا اﻵن من بين كل اﻷيام؟
هنا سأذكر هذه اﻷسباب، ولماذا هذه الرواية جديرة بالقراءة؟
في البداية .. لماذا قمت بمراجعة هذه الرواية بعد 5 سنوات من قراءتها؟
قد تعتقد عزيزي القارئ أنني كائن عميق، يفكر في المستقبل وقرر نشر الرواية في العام الذي تحدث أحداثها فيه.
لكنني كائن – الهلاهوطا – على تعبير (سعيد صالح) رحمه الله، ولا أزعم امتلاك ذلك القدر من التخطيط والتفكير الاستراتيجي. وفي الواقع .. أخر قرار تكتيكي شهدته، هو إنسحاب (حلاوتا) لأسباب إنسانية لمسافة 3 كم، وكان هذا قبل 3 سنوات!!
في الواقع سبب نشر هذا التقييم اﻵن هو أنني اشتريت نسخة ورقية من هذه الرواية (مستعملة)، وكنت قد قرأت في مكان ما، أن ورثة الكاتب (أحمد خالد توفيق) رحمه الله، لا يسامحون من يقرأ كتابات أبيهم بشكل “غير شرعي”. لذلك “حللت قرشي” وقمت بشراء هذه النسخة، لكي أنشر هذا التقييم، وأخيرا!
كيف كانوا ليشعروا لو حملت مسلسله بشكل غير شرعي؟ عمومًا قمت بمراجعته هنا إن كنت تشعر بالفضول حياله.
مما هو الشيء المميز في هذه الرواية
الشيء المميز، هو شيء مؤسف. ومثير للإعجاب في نفس الوقت. فقد تصدر التريند منذ بضعة أشهر إقبال المصريين على شراء أرجل الدجاج، لعدم قدرتهم على شراء الدجاج نفسه، وهذا شيء تجده في الرواية بشكل صريح.
أيضا الانخفاض المدوي لسعر صرف الجنيه أمام الدولار، ليصل 30 جنيهًا. وهو السعر الذي تنبأ به كاتبنا العبقري – رحمه الله -. لكنه لم يتوقع أن يصل الحال إلى ما هو عليه في ظل النخ.. السياسات الرشيدة، وقروض البنك الدولي.. التي أخذت مصر وشعبها، وراء سد النهضة ..
وأهم من هذا كله، مشروع العاصمة الإدارية الجديدة. والتي تبدو لي، كالمدينة على الساحل الشمالي، التي بناها اﻷغنياء، ليفروا من جحيم الفقراء.. لله درك يا دكتور أحمد.
لماذا رواية يوتوبيا جديرة بالقراءة؟
إن كنت من محبي اﻷدب السوداوي، الديستوبي. على سبيل المثال روايات (جورج أورويل)، وأذكر منها تحديدًا (1984) والتي -وللسخرية – هي ممنوعة من التداول في مصر. هذه الرواية حتما لك.
إقتباس شدني من الرواية
هذا الاقتباس ظل معي لسنوات، وقررت مشاركته مع السادة القراء.
ما هو تقييمي لهذه الرواية؟
لم أجد أصدق من هذه السطور، التي كتبتها فور انتهائي من قراءة الرواية “المسروقة”، والتي عبرت بها عما جال في خاطري، عقب الإنتهاء من التهام رواية يوتوبيا. وقمت بنشره على موقع قود ريدز.
“رواية كابوسية، وصادمة، وقابضة للنفس!
تمثل واقع هذه البلاد المعاصر وتدنيها نحو الهاوية
من هو جابر؟ جابر هو اﻷقلية المثقفة وسط جموع الرعاع، ولعل خطيئته الكبرى أنه ثقف نفسه وسط البلطجية
لكنه نذل وساقط مثلهم وحاول اغتصاب الفتاة في عشته ولم يفلح، بينما أفلح الراوي الذي لم يذكر اسمه في انتهاك عرض صفية
لها نفس النغمة الكابوسية لرواية 1984 وإن كانت تلك تبدو متفائلة بالمقارنة مع تصور الكاتب السوداوي لمستقبل مصر وليبيا كذلك
رحمك الله يا دكتور”
في الختام
إن كان لديك وقت فراغ؟ أو تبحث عن شيء تقرأه. أنصحك بهذه الرواية. وأجدد من هذا المنبر ترحمي على الدكتور (أحمد خالد توفيق) الذي شيع جنازته الملايين، ونجح في جعل الشباب يقرأون ..