بغض النظر ولو لبرهة عن اﻷوضاع المتردية في بلادنا الجريحة، فإن أكثر البلاد استقرارًا في منطقة الشرق اﻷوسط مهددة بخطر داهم يهدد وجودها واستقراراها: التصحر ونقص المياه الصالحة للشرب، والتغير المناخي.
بلادنا مهددة بأن تبتلعها الصحراء |
لسنا بمعزل عن التغير المناخي العالمي في بلادنا، الكل لاحظ ارتفاع درجات الحرارة اللافت، وبمقارنة سجلات اﻷرصاد الجوية فإن العام الماضي كان أشد اﻷعوام حرارة منذ بدء تسجيل درجات الحرارة في القرن التاسع عشر!
ليس بإمكاننا الكثير لنفعله في مواجهة التلوث والتصحر وارتفاع درجات الحرارة، لكن يمكننا غرس شجرة! فلنتأمل حديث النبي صلى الله عليه وسلم هذا لوهلة:
روى أحمد (12902) ، والبخاري في “الأدب المفرد” (479) ، وعبد بن حميد في “مسنده” (1216) ، والبزار في “مسنده” (7408) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا ) .
ولفظ أحمد : ( إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا ) .
وصححه الألباني في “الصحيحة” (9) .
يحثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على غرس اﻷشجار والاهتمام بها، حتى مع هول عظيم مثل يوم القيامة!
اﻷشجار تساهم في الحفاظ على التوازن البيئي وتقوم بتوفير الظل واﻷوكسجين، وهي عوامل مهمة للصحة العامة، من المؤسف تساهل الناس في قطع اﻷشجار و العبث بها، إن الشجرة تحتاج إلى عشرات السنين لتصل إلى حجمها ذلك، ليأتي أحدهم ويقطعها في دقائق ويشعل فيها النيران. مع الوعيد النبوي لمن يتعمد قطع اﻷشجار وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم شجرة السدر بالوعيد في حديثه:
” .
2970 – عن عبد الله بن حبيش – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار ” . رواه أبو داود وقال : ” هذا الحديث مختصر يعني : من قطع سدرة في فلاة يستظل بها ابن السبيل والبهائم غشما وظلما بغير حق يكون له فيها ; صوب الله رأسه في النار ” .
في ظل أزمة الإسكان الخانقة في المدن الليبية توسع المواطنون باتجاه الضواحي والمزارع، والغابات والمحميات، لعل من أبرز اﻷمثلة غابة النصر شرق العاصمة طرابلس التي أصبحت تباع كقطع أراضي للبناء دون رقيب أو حسيب، وغيرها من الغابات والمتنزهات التي ضاعت مع انزلاق البلاد نحو الفوضى.
صورة لشجرة المورينجا (البان) |
هذه الغابات لم توضع عبثًا في أماكنها تلك وهي جزء من مخطط أي مدينة معاصرة، فهي توفر ما يعرف بالحزام اﻷخضر للمدن والذي يعادل درجات الحرارة ويمنع الرياح المحملة باﻷتربة القادمة من الصحراء من الدخول للمدن وما تسببه من أضرار: فهي تعمي الرؤية وتسبب أعراض الحساسية وصعوبة التنفس للكثيرين.
حلقة مفرغة من حرق اﻷشجار وتوليد المزيد من التلوث لتوفير مساكن للمواطنين (خارج المخطط بالطبع) واستعمال أجهزة التكييف التي تضع حملُا على الشبكة الكهربائية التي تحرق الغاز والوقود، فتنقطع الكهرباء، يشغل المواطنون المولدات، وهي تلوث سمعي بصري فعلي! فيزيد التلوث.
بينما لو استخدمت الحكومة محطات كهرباء تعمل بحرق القمامة أو الطاقة الشمسية لكان التوفير عظيمًا، والجمع بين الحلين أفضل بكثير!
مجددًا نعلق فشلنا على شماعة اﻷوضاع الراهنة في بلادنا والتي لم تدع فرصة لفعل أي شيئ!
وهنالك ظاهرة أخرى سلبية وتؤثر بشدة على الصحة العامة، وهي المردومة!
صورة لمردومة في مكان ما! |
هذه المراديم باللهجة الليبية هي طريقة لصناعة الفحم النباتي من جذوع وأغصان اﻷشجار بحرقه بطريقة معينة، وسط مساكن الناس!!
مسببة نوبات الحساسية والاختناق وصعوبة التنفس في سبيل الكسب السريع على حساب صحة المواطن وسلامته. ومجددًا الفوضى في البلاد تعني أن بإمكانهم فعل أي شيئ دون خوف من رقيب أو حسيب، هذه التدوينة من مدونة لؤلؤة تحتوي على قصة من معاناة المواطنين مع هذه الممارسات الغير قانونية.
وصية اليوم
وصية اليوم أن نغرس شجرة، ونسقيها ونهتم بها لتعطينا الأوكسجين والظل وتبرد درجة الحرارة، وإن لم تكن شجرة مثمرة يمكن سقيها من مياه المكيف المقطرة لمزيد من التوفير! وأيضا تسميدها بالقمامة العضوية، ما أجمل أن تسقي شجرة وتهتم بها وتعطيها من وقتك فترد عطيتك بالظل الوارف والثمر الشهي اللذيذ!
هل كنا لنهتم بالأشجار أكثر لو كانت تولد الواي فاي بدلًا من اﻷكسجين؟ لم لا نسأل إمارة دبي بالإمارات العربية المتحدة؟ فشجر النخيل هنالك يولد موجات الواي فاي!!بالطبع ليس نخيل التمر الذي نعرفه جيدَا بل هي نخلة صناعية تولد موجات الواي فاي وتستمد طاقتها من أشعة الشمس، وتوفر أماكن ظليلة للجلوس وشحنَأ للهواتف الذكية!!
نخلة الواي فاي الإماراتية |
شكل نخلة الواي فاي الإماراتية في الواقع |
مهما كانت هذه النخلة رائعة وجميلة فهي لن تضاهي صنع الله، فلنزرع اﻷشجار قبل أن نندم أشد الندم! لن نستطيع أن نتنفس وستصبح بلانا صحراء جرداء خالية من أي مظاهر للحياة.
يقول المثل الصيني:
أفضل وقت لزراعة شجرة كان منذ عشرين سنة مضت وثاني أفضل وقت هو الآن!
شكرًا لقراءتك هذه التدوينة، وشاركها مع دوائرك على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.