هذه التدوينة هي ملحق لتدوينة إنقراض الليبيين وفيها عزوت أحد أسباب الإنقراض إلى إرتفاع تكاليف الزواج، وكما نعلم جميعًا فإن من شروط الزواج وجود المسكن (وهو اﻷغلى بين كل المطالب).
لذا سأقوم بسرد الحلول المقترحة ووجهة نظر الليبيين فيه، والحكم للسادة القراء.
شراء منزل مستقل
اشتراط العائلات لمسكن منفصل لبناتها من الطلبات التي تصعب على الكثيرين من الشباب، حيث يكلف المنزل الصغير من طابق واحد في ضواحي مدينة طرابلس مالا يقل عن 160 ألف دينار (تقريبا تساوي مئة ألف دولار بسعر الصرف الرسمي) بل وترفض بعض العائلات سكن بناتها في الضواحي بحجة بعدها عن سكن اﻷسرة! – حسب أسعار سنة 2014 –
وهذه الضواحي تكون بالقرب من المعسكرات وعرضة للاشتباكات والنزوح والتضرر من الحرب.
السكن بالإيجار
ترفض اﻷسر السكن بالإيجار لبناتها (ويرفض أصحاب المساكن في كثير من اﻷحوال تأجيرها لليبيين حتى ولو وافق اﻷهل) طبعا لا نعمم ولكن الكثير من اﻷسر تتمسك بطلب المسكن المنفصل، والبعض يطالب بكتابة المسكن باسم ابنته كذلك، إن كنت تبحث عن منزل مجاني فلا أسهل من أن تطلق إبنتك من زوجها وتقفز في منزله بعد طرده منه!
السكن مع العائلة
هذا الحل مرفوض بشدة من الكثير من اﻷسر، حيث ترفض أن تعيش ابنتهم المصون في بيت أهل زوجها في طابق مستقل أعلى البيت أو بمنزل مستقل بنفس قطعة اﻷرض ويسوقون لذلك مختلف الحجج، بينما يوافقون على أن تسكن ابنتهم في عمارة تحيط بها اﻷسر الغريبة من كل مكان! حتى المساكن “الرخيصة” التي بدأت بها الفقرة متلاصقة وتفتح نوافذها على بعض، أيهم أفضل أن تجاور أهلك أم أن تجاور أناسًا لا تعرف عنهم أي شيئ؟ (سؤال للكثير من العائلات الليبية).
منازل تركيب
هذه المنازل شاعت في ليبيا بعد 2011 وتلقاها الليبيون بالإعراض والسخرية، فهي -تريلات- من الصفيح وليست منازل حسب تعبيرهم! رغم ان المنازل التي نبنيها من الطوب والأسمنت أغلى ثمنا وأكثر مما نحتاج في الدعم والتسليح، كما أنها ليست معزولة حراريًا وترتفع حرارتها صيفا وتتجمد شتاءً! وتستهلك طاقة أكثر للتبريد والتدفئة مما يحتاجه منزل معزول حراريًا، كما أنها عازلة للصوت ومضادة للتقلبات الجوية ومناسبة لدرجات حرارة ما تحت الصفر وفوق الخمسين درجة مئوية!
نموذج للمنازل التي تلقاها الليبيون بالسخرية والجفاء! |
البناء على قطعة أرض تشتريها بنفسك
اﻷرض في طرابلس استهلكت بالكامل! المصطلح العقاري أرض في طرابلس يعني في الضواحي البعيدة عن وسطها، التي أقيمت فيها أحياء سكنية كاملة بالمجهود الذاتي وخارج مخطط مدينة طرابلس العتيق الذي يرجع لسنة 1974، كما أن قروض المصارف ربوية، وحتى حين توافرها لم تمكن المواطن من استكمال منزله، هذا غير غلاء سعر اﻷرض ومواد البناء واليد العاملة (بعد رحيل الكثير من العمال اﻷجانب بسبب اﻷوضاع الراهنة في ليبيا) إلخ.
وحتى هذا الحل الإضطراري لم يعد حلًا بعد تجاوز قنطار اﻷسمنت لحاجز اﻷربعين دينار! ليلتحق هو اﻷخر بقطار الغلاء ويترك المواطن المطحون في حيرة من أمره
تحديث من سنة 2020 بعد الحرب على طرابلس تجاوز سعر القنطار ال 100 دينار وثبت في حدود الخمسين!!!
ما هو ناتج هذه العوامل؟
جيل تتناهشه الإنحرافات ويكثر فيه التحرش والتبطل بحجة أن الحلال غال وأن العفاف لا يمكن وصوله، أي أن مجتمعنا يسارع في تدمير نفسه بنفسه، وتتحول الخلايا السليمة فيه إلى سرطانات تهاجم الخلايا السليمة اﻷخرى!
كل هذه العوامل تؤدي إلى تأخر سن الزواج وقلة الإنجاب وبالتالي انخفاض النمو السكاني، وأي نمو سكاني إن كان العريس سيعيش بالدين لبضعة سنوات ليدفع ثمن عرسه الخرافي؟ وهنا وفيت بوعدي للقراء بالحديث عن أزمة الإسكان الخانقة التي لم تنجح أي من الحكومات المتعاقبة في فعل أي شيئ حيالها! (من قبل أحداث فبراير وبعدها).