هذه القصة مبنية على أحداث حقيقية 100% وكل الشخصيات بها مستوحاة من شخصيات حقيقية لأنها كذلك!!

سلسلة التدوينات هذه بمناسبة أسبوع المرور العربي. وفيها أتحدث عن تجربتي في تعلم قيادة السيارات.

هذه التجربة امتدت على مدار سنة كاملة -من مارس 2009 وحتى مارس 2010-  ولذلك قررت تقسيمها لخمس تدوينات..
متابعة طيبة 🙂

لقراءة الجزء اﻷول اضغط هنا. وللجزء الثاني اضغط هنا من فضلك والثالث من هنا كذلك والجزء الرابع هنا أيضَا وللجزء الخامس اضغط هنا.

سيارة تعليم قيادة تشبه التي تعلمت فيها

البداية

ألحت والدتي  على والدي – حفظهما الله – بأن يلحقني بمدرسة لتعليم قيادة السيارات. الأمر الذي يعد عارًا وشتيمة في مجتمعنا بالنسبة للرجل، فالرجل – يولع طول ويطلع- ومدرسة القيادة للبنات فقط. ووالدي ليس صبورًا بما يكفي لتعليمي قيادة السيارة بنفسه.
ولأنني لم أغامر كزملائي المراهقين الذين كانوا يسرقون سيارات أباءهم في الظهيرة وهم نيام ويتجولون بها خلسة مسببين كوارث صغيرة!  فقد أخذني في صبيحة يوم غائم لاستخراج الأوراق المطلوبة لإصدار رخصة قيادة مؤقتة (فيلاروزا)، وبعد ملء النماذج الروتينية دخلت لفحص نظري -وعلمت لأول مرة أنني أعاني من ضعف في النظر-. ثم من هناك توجهنا لمدرسة القيادة ودون أي تأخير!!

لم أكن أصدق أنني أحتاج لنظارات نظر!

مدرسة الأمانة

مدرسة الأمانة تقع بمنطقة الفرناج بالعاصمة طرابلس ملاصقة لمركز شرطة عين زارة وتتبع لإدارة المرور طرابلس -أي أنها مدرسة حكومية-. ليست مرئية من الطريق الرئيسي وتحتاج لنزول بضعة عشر درجة لتصل إليها.
وهي مبنى غير لافت للنظر أمامه ساحة كبيرة للتدريب – وموقف سيارات لمعسكر التدريب-
وعلى الفور دفع والدي قيمة الاشتراك (عشرين دينارًا) وقيل لي أن أتي يوم اﻷحد الساعة الثامنة والنصف صباحًا.

مدرسة اﻷمانة بمنطقة الفرناج – طرابلس

أسبوع الإشارات

بدأت التدريب في يوم الأحد وكنت متوترًا ومتحمسًا لركوب السيارة كسائق لأول مرة. لكن خاب أملي عندما علمت أن أمامنا أسبوعًا من التعليم النظري على إشارات المرور والقوانين المرورية.

كان الأستاذ ضابطًا سابقًا في المرور، صارمًا وقليل الكلام، ويشرح القانون بعصبية! وكرر على مسامعنا أكثر من مرة هذه الجملة:

“لما تركب في سيارتك وتخش الطريق، دير روحك إنت بروحك اللي عاقل، وكل السواقين التانيين مهبلة!”.

لما أدرت عيني داخل الصف اكتشفت أن الطلاب شريحة متنوعة من الناس وليست مثل الفصول الدراسية التي اعتدت عليها – أناس من مراحل عمرية متقاربة -. ففي الأمام جلس كهل بلباسه التقليدي (الجرد والمعرقة) وهو ينصت مصغيًا – أو نائمًا-، وسيدة سمراء كثيرة الكلام يتضح لاحقًا أنها جندية في فيلق الحرس الخاص ولديها “توكة” يومًا بعد يوم.

وعدد من الرجال والنساء من أعمار مختلفة جلسوا على المقاعد الخشبية ينصتون لشرح النقيب. وأيضا شباب جامعيون من عمري تقريبًا جلست جوارهم.

صورة لإشارات المرور التي درسناها بالمدرسة

كما تخلل الشرح زيارات من عقداء وألوية بالمرور يشرحون بعض المسائل المعقدة والجنايات والجنح وغير ذلك من المسائل القانونية والجزائية! الأمر الذي تعدى ورقة الإشارات المتعارف عليها! وبالطبع زاد من رهبتي وخوفي من قيادة السيارات.
كنت أدون شرح الأستاذ بنشاط الأمر الذي لفت انتباهه وطلب من الكل جلب كراريس وأقلام في اليوم التالي، ولم يستجب أحد لتعليماته وبدا كأنه نسي الأمر كليًا في اليوم التالي!

ككل الأوقات الجميلة انقضى أسبوع التدريب النظري سريعًا، وجاء يوم الأحد الذي سنركب فيه سيارة المدرسة للمرة الأولى..

وضع الخنفورة!!

تم إلحاقي بمدرب لا أذكر اسمه -ولا أهتم لذلك كثيرًا بصراحة- ولكن ملامحه لا تزال واضحة في ذهني رغم مرور عدة سنوات. كان قصير القامة بدينًا وأصلع، ويبدو من فمه المتهدل أنه إما كثير الكلام أو شديد النهم. وبعد أن دخلنا سيارته إلتفت إلينا بنظرة متعالية بعد أن جلس على كرسي الراكب وقال:

“أسمع جاي إنت وياه، عرفت الكلام هذاكا الهلبا اللي قالهولكم فلان – يعني دروس النقيب حول القوانين المرورية – أنسوه ولوحوه ورا ضهوركم ايواه! هني الأسبقية بوضع الخنفورة وجهدك وشن يجيب”.. 

ومط شفتيه وأصدر صوتًا نشازًا بفمه كأنه تناول كوبًا من الشاي الشديد المرارة!

بعد هذه المقدمة المشجعة تناوب زملائي على القيادة وفاجئني أن معظمهم يستطيع تحريك السيارة والانطلاق بها بدون صعوبات تذكر، فأول سؤال خطر لي هو: مالذي تفعلونه في المدرسة بالتحديد؟!

مالذي حدث بعد ذلك؟ وكيف كانت تجربتي اﻷولى في قيادة السيارة؟ هذا ما ستعرفونه في الحلقة القادمة بعون الله.

شاركوا هذه التدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي وساعدوني على نشر المدونة 🙂