كشخص يعتبر نفسه (داعية) للمصادر الحرة – تقفز إلى بالي صورة الاستاذ (عمر خالد) وهو يقوم بإعلان دجاج الوطنية -، وشخصًا يؤمن بحق الجميع في امتلاك برمجيات حرة والخروج من قيود البرامج الاحتكارية. تبدو هذه العبارة غريبة إلى حد ما! – وأشد غرابة من اعتبار نفسي داعية -. لكنني سأوضح وجهة النظر هذه، وما دفعني للتفكير فيها في هذه التدوينة.
هناك الكثير من المصادر الحرة المجانية. إنها مجانية تمامًا دون قيد أو شرط. ليس هناك على سبيل المثال سطر خفي مليء بالشر، أو صفقة خبيثة تعقدها في مقابل شيء ثمين. في الواقع رخصة البرامج الحرة واضحة وصريحة، ومكتوبة بطريقة سهلة الفهم. لدرجة أن الموضوع يبدو جيدًا أكثر من اللازم.
لكنه ليس كذلك!
الحقيقة المرة
البرامج الحرة ليست بديلًا مطابقًا للتجارية. خذ أحد مشاريعي المفضلة – والذي أستعمله منذ قرابة 15 عامًا هو وما سبقه –. ليبر أوفيس.
إنه ليس (ميكروسوفت أوفيس)، ولن يكون (ميكروسوفت أوفيس). والناس الذين صمموه لم يستهدفو أن يكون نسخة منه! إنه منتج له هويته، وطريقة إستخدامه التي ربما لا تناسبك!
هل حاولت استخدام (كالك) وأنت قادم من أكسيل؟ مع كامل الاحترام لكل البطاريق هناك. فهو لا يقارن بتاتًا بما يمكن لإكسيل أن يفعله! ربما كان يفعله ولكن أنا لا أعرف كيف أفعله فيه! وليس لدي رغبة في نسيان ما تعلمته في أكسيل وخراب بيتي من أجل سواد عين المصادر الحرة. حتى ولو شتمني (لينوس تورفالدز) بشتائم لاذعة تشمل اﻷقارب، أو أشار لي كما أشار لشركة (نفيديا) في حواره الشهير!
ماذا عن جيمب؟
قس في ذلك على (جيمب) برنامج رائع ومفيد لتعديل الصور والتصميم، لكنه ليس (فوتوشوب). ربما يمكنك اتباع بعض النصائح على الشبكة لجعله يشبه (فوتوشوب). لكنه في النهاية كيان منفصل ومستقل بذاته.
ينطبق نفس الأمر على استخدام لينكس. أنا لا أمانع تعلم شريط اﻷوامر وكتابة سطور كثيرة، أو البداية من الصفر مع نظام جديد.
في الواقع .. لأنني شخص عاشق للتقنية، ومتخصص في المجال التقني يمكنني اتباع كل هذه النصائح والإرشادات بسهولة نسبية، وحتى أنا أعاني في بعض اﻷحيان ولا أستطيع الفهم، وأضطر إلى القفز من مكان لآخر لكي أتمكن من فهم ما كتب. لكنني أحاول تصور هذه الأمور من منظور شخص ليس تقنيًا كثيرًا (مثل زوجتي الغالية مثلًا). ومن هذه الزاوية أتوصل إلى إستنتاج واضح وجلي خفي عني وهو:
أن المصادر الحرة ليست ملائمة لكل شخص
لأنها ليست سهلة الاستخدام، وليست هي الشائع التجاري. اﻷمر شبيه بهواتف (أيفون) التي يعشقها الكثيرون، رغم أنها تقدم أقل بكثير مما تقدمه هواتف (أندرويد)، وبعد سنوات طويلة من تقديمه!
ربما لهذا السبب فشل لينكس على سطح المكتب (رغم اكتساحه لمساحة الخوادم). وربما لهذا السبب يفضل الكثيرون استخدام برامج مقرصنة، على التحول لبرامج مفتوحة المصدر (وقانونية تمامًا)!
أتت هذه الخاطرة بعض قضائي لساعة كاملة أحاول تشغيل (ماكرو) يمكنني من حفظ السطر اﻷول كاسم للملف. وهي خاصية توجد في (ميكروسوفت ورد) منذ نسخة 2003 على اﻷقل – أي منذ عشرين عامًا!-.
لكل ذائقته الخاصة
أيضًا، اﻷشياء التي تروق لي، وتلائمني. ليست للجميع. لكل شخص ذوقه الخاص، وطريقة عمله الفريدة. لذلك توقفت عن نصح الناس بالتحول للمصادر الحرة. لأنه في نهاية اليوم، ليس المهم ما هي اﻷدوات التي تستعملها، ولكن المهم هو ما تنتجه بواسطتها.
ماذا عنك عزيزي القارئ، هل تستخدم برامج حرة؟ هل تحب من يدعوك لاستخدام البرامج الحرة؟ هل يجوز أكل لحم البطريق؟ شاركني في قسم التعليقات، وشكرًا لك على القراءة.