تنفس المعيدون الصعداء، فقد ورد تعميم من الهيئة الوطنية للتعليم التقني والفني بتمكين المعيدين من مباشرة أعمالهم وإنهاء حالة الجمود التي استمرت لسنتين، وعمم التعميم على كليات ليبيا ومعاهدها وسط فرحة عارمة من المعيدين، بعد انتظار طويل ومؤلم وتضحيات، ولكن..!

وآه من لكن هذه فهي تفسد كل شيئ!

هذا التعميم  يفرض على المعيدين توقيع تعهد بعدم المطالبة بمستحقاتهم المالية حتى صدور الميزانية (أخر ميزانية صدرت للتعليم العالي كانت في سنة 2013) قبل توقيع عقودهم ومباشرة أعمالهم، هل هذا قانوني أساسًا؟  ومتى تصدر هذه الميزانية؟ بعد شهر؟ بعد سنة؟ أم بعد سنتين؟؟ مع العلم أنه لن يتم توقيع أي عقد دون توقيع التعهد بعدم المطالبة بأي مستحقات مالية.

تعميم إدارة الكليات لتمكين المعيدين من مباشرة أعمالهم
التعميم الذي وصل للكليات التقنية
تعميم إدارة المعاهد لتمكين المعيدين من مباشرة أعمالهم
التعميم الذي وصل للكليات التقنية

 المعيد عضو هيئة تدريس متعاون؟

أعضاء هيئة التدريس أحجموا عن التعاون مع كليات أخرى لنفس السبب (عدم صرف مستحقاتهم وعدم وجود ميزانية) وهم يشكلون نسبة كبيرة من إجمالي عدد أعضاء هيئة التدريس في بعض الكليات والمعاهد لتصل إلى 85%  في بعض المؤسسات،  بينما يشكل القارون بالكلية (المتعينون بها) نسبة ضئيلة من الإجمالي.

 هذا العجز يزيد من الضغط على كاهل المعيد المثقل بالهموم و أدى لاعتماد الكليات على المعيدين في تدريس بعض المواد (دون مرتبات بالطبع)  وهو مسموح في حالات معينة، مع أن دور المعيد يقتصر في الأغلب على شرح القسم العملي من المحاضرة وبعض المهام المكتبية وليس شرح المواد بالكامل وتقييم طلاب لا يبتعدون عنه في السن والدرجة العلمية كثيرا!

الإيفاد مات وفات!!

إلغاء الإيفاد للدراسة بالخارج كجزء من حملة إجراءات تقشفية نفذتها حكومة الإنقاذ الوطني في مطلع العام 2016  مع أن السبب الرئيسي الذي يدفع الخريجين للالتحاق بوظيفة المعيد من البداية هو الإيفاد، ما يعني أن حلم تكملة الدراسة بالخارج ذهب أدراج الرياح.
وبالنسبة لخريجي الدبلوم فلا مكان يلجؤون إليه لتكملة الدراسة في ليبيا كما أسلفت في تدوينة سابقة، الأمل الوحيد لهم هو الإيفاد للدراسة بالخارج.
إن كانت الدولة لا تستطيع دفع المرتبات، هل ستتمكن من إيفاد المعيدين للخارج؟!

معيد يبحث عن عمل ليصرف على العمل!!

أي أنه بعد انتظار صدور القرار وتوقيع العقود لسنتين أو ثلاث، يعمل المعيد بدون مقابل مادي في المدى المنظور أو أمل في الإيفاد واستكمال الدراسة، بانتظار تحسن الأوضاع وانفراج الأزمة الراهنة ليتقاضى مرتبه (في حال وجد سيولة في المصرف أساسًا)  في ظل انهيار متسارع للبلاد ووصولها لقعر الهاوية فعليًا.

ويضطر المعيد للبحث عن عمل مؤقت لينفق على نفسه ويتجنب ذل السؤال، وبسبب ازدواجية المرتبات (رغم أنه لا يتقاضى مرتبه بعد) يجب أن يعثر على عمل بدوام جزئي دون تعاقد حتى لا يقع في شرك الدين ليسير أموره اليومية البسيطة معرضًا نفسه للإنهاك والمخاطرة من أجل لقمة العيش.

ترك الوظيفة أم البقاء فيها

 الكثيرون يواجهون الخيار الصعب، ما بين تضييع سنين الانتظار والبدء من الصفر بحثًا عن عمل أخر يسد الرمق، بينما تبدو خيارات التوظيف محدودة للغاية وسوق العمل يعاني بسبب انعدام الصادرات النفطية وسحب كبار التجار والمواطنين أموالهم من المصارف ما خلق أزمة سيولة خانقة. وبين الاستمرار في مطاردة حلم نيل الشهادة العليا وتخريج أجيال من الطلاب بدون مرتبات ودون إيفاد وفرصة لاستكمال الدراسة.

هل ينبغي على من لديه وظيفة تدر عليه دخلًا أن يستقيل عن أداها ويذهب لتوقيع تعهد وعقد وظيفة معيد دون مرتب؟
أعرف الكثيرين ممن غضو الطرف عن أحلامهم واستمروا في أداء وظيفتهم اليومية، باﻷخص ممن يعيل أسرة ولديه التزامات مادية يجب أن يوفي بها، وفي النهاية فالخيار للمعيدين في اختيار المسار الوظيفي الذي  يناسبهم.

هل هذه هي مكافأة الاجتهاد والتفوق والرغبة في خدمة الوطن والرفعة من شأنه؟

ما رأيك أنت عزيزي المعيد، هل ستوقع عقدك وتكافح من أجل تحقيق أحلامك؟ أم أن وظيفتك اليومية والتزاماتك المسبقة أكثر أهمية بالنسبة لك؟

شاركني برأيك، وشارك هذه المقالة على وسائل التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.