سأتناول في هذه التدوينة مشكلة معيدي المعاهد العليا والكليات التقنية الذين تم قبول ملفاتهم وتوقيع قرارات تعيينهم في سنة 2015، ثم تم إيقاف التعاقد معهم إلى أجل غير مسمى.

من هو المعيد؟

المعيد هو عضو هيئة تدريس تحت التدريب، ويعتبر حلقة وصل بين الطلبة و أعضاء هيئة التدريس بالكلية والمعهد العالي، ويقوم بمساعدة الأستاذ في المحاضرات والمعامل وتصحيح أوراق الامتحانات ومراقبة سيرها، وفي حالات  استثنائية يتم تكليف المعيد بتدريس مقررات دراسية في حالة عدم وجود أعضاء هيئة تدريس بالقسم. وبعد انتهاء فترة التدريب التي لا تقل عن سنة ولا تزيد عن خمس سنوات حسب اللوائح يتم إيفاده للدراسة إما بالداخل أو بالخارج حسب الظروف، ليعود بعدها للكلية كعضو هيئة تدريس ويستلم مواد دراسية ومسؤوليات أكبر من دوره السابق. ويتيح الفرصة لمعيدين جدد لشغر المنصب، وفي حالة مرور خمس سنوات دون إيفاد يصبح المعيد موظفا عاديا بالمؤسسة ولا يذهب للإيفاد.

للمزيد من التفاصيل حول اللوائح المنظمة لعمل المعيدين الرجاء تحميل لائحة 501  لتنظيم التعليم العالي.

سد احتياجات المعاهد والكليات

في فصل الخريف 2014 أعلنت المعاهد والكليات عن حاجتها لمعيدين بعد تقديرها لاحتياجات كل قسم والحصول على موافقة إدارة المعاهد العليا وإدارة الكليات التقنية على الترتيب، وقامت باستقبال ملفات المتقدمين إليها ومفاضلتها حسب اللوائح.

ثم قامت بإرسال قوائم المقبولين وملفاتهم للإدارات لرفعها للهيئة الوطنية للتعليم التقني والفني لغرض توقيع قرار، لا يمكن إصدار القرار إلا مرة واحدة في السنة ويتم إدراج المقبولين ضمن ميزانية
السنة التالية، لكن القرار لم يوقع في سنة 2014.

علمًا بانه لم تصرف ميزانية للهيئة الوطنية للتعليم التقني والفني منذ سنة  2013 إلا مرتبات الموظفين اﻷساسية!

للمزيد من التفاصيل شاهد مقابلة أ. طارق مؤمن مدير مكتب شؤون الهيئة الوطنية للتعليم التقني والفني على قناة التناصح، والتي تحدث فيها عن كثير من المشاكل والصعوبات التي تواجه التعليم التقني والفني، لعل من هذه الحقائق التي صدمتني أن الهيئة تتبعها 500 مؤسسة حول ليبيا بين مؤسسات تعليم متوسط وعالي، ميزانيتها أقل من ميزانية جامعة الزاوية!!

سنوات الضياع

بعد فترة طويلة من المراوحة مارسها موظفو الهيئة الوطنية للتعليم التقني والفني (تعال الأسبوع الجاي، الشهر الجاي، بعد العيد، في اﻷسبوعين الجايات، بعد ما يصير من الحوار السياسي إلخ..) استمرت من ديسمبر 2014 وحتى سبتمبر 2015 وهم يعدون المعيدين وعودًا كاذبة وبراقة.

بالطبع لم يخبروا المتقدمين أن قرارهم لا يمكن توقيعه إلا في أخر السنة، وبما أن 2014 قد ضاعت فيجب الانتظار حتى نهاية سنة 2015، حتى لو ذهب المعيد وعثر على عمل أخر فإن الازدواجية ستطارده وتوقف مرتبيه (هذا كان قبل توقيع القرار).

توقيع القرارات

بعد وقفات احتجاجية بلا عدد واحتجاج من المعيدين إلتقوا بالسيد مدير الهيئة ووعدهم خيرًا، وبعد إجراء عدد لا نهائي من فرز اﻷسماء والملفات وإرسالها للإدارات السفلى وإرجاعها للعليا مجددًا تم توقيع القرار في نهاية عام 2015 وسط فرحة عارمة من المعيدين، تم توقيع القرار 808 للمعاهد، 809 للكليات التقنية، وثم ملاحق للقرارات (1-183  1-52 ) لتشمل أسماء الذين سقطوا سهوًا، إجمالي عدد المعيدين على مستوى ليبيا يتجاوز 1200 معيد موزعين على 100 معهد عالي تقريبًا و 15 كلية تقنية، على أن يتم إضافتهم على ميزانية 2016، نصوص القرارات وقوائم اﻷسماء محجوبة حتى يتم التوقيع مع المعيدين فعليًا.

 

قرار 809 لسنة 2015
صورة من قرار 809 لسنة 2015 الخاص بمعيدي الكليات التقنية

 

تجميد التعاقد

صدر تعميم من الهيئة الوطنية للتعليم التقني والفني بإيقاف التعاقد مع المعيدين حتى صدور الميزانية المخصصة لهم، متى ستصدر هذه الميزانية؟ إن كانت أخر ميزانية صرفت في سنة 2013 فليكن الله في عون هؤلاء المساكين! المراسلة موجودة في كل معهد وكل كلية في ليبيا، أعتذر عن رداءة الجودة بسبب مشاكل بألة تصوير المستندات المستخدمة في نسخها.

 

 

 

 

حلول تلفيقية

  • بعض الكليات وقعت مع معيديها عقودًا بالتعهد، أي أن المعيد يتعهد بعدم المطالبة بمستحقاته المالية حتى صدور الميزانية، مع رفض إدارة المعاهد لهذا الحل.
  • بعض المعيدين اقترح أن يبدأ المعيدون في العمل وتحسب مرتباتهم على أن يتقاضوها دفعة واحدة حين صدور الميزانية حتى لا يضيع الوقت ويكتسبوا الخبرة ويقضوا الفترة حتى موعد الترشيح للإيفاد، لكن هذا الحل تم رفضه كذلك.
  • الرفض سببه أن المعيدين ممكن أن يرفعوا قضايا على المؤسسات التعليمية مطالبين بالمرتبات، وقد حدث هذا الشئ من قبل.

ظروف المعيدين بعد توقيع القرار

  • المعيدون لا يستطيعون العمل في الدولة ولا القطاع الخاص، وإلا فإن ازدواجية المرتبات ستطاردهم وسيتم استبعادهم من العمل بالمعاهد والكليات دون إخطارهم بذلك.
  • يعمل بعض من يشملهم قرار التعيين سابق الذكر بمهن بسيطة مثل نقل الخضار والفواكه، والبيع في المحلات التجارية، رغم أنه صدر بحقهم قرار تعيين من الدولة. ومعظم هؤلاء الطلبة تحصيلهم العلمي جيد وبعض منهم من أوائل الكليات والمعاهد، إلا أن الواقع يفرض نفسه.
  • الوضع الاقتصادي الصعب في ليبيا يصعب على المعيد إيجاد عمل أخر، الكثير منهم يعمل في مراكز التدريب (التي ضعف الإقبال عليها بسبب الأزمة الاقتصادية) بالاتفاق الشفهي دون تعيين ما يعرضهم للنصب والخداع من بعض أصحاب المراكز ضعاف النفوس، وكذلك الحال في أي مكان عمل لا يوفر ضمانات كافية كعقود مكتوبة.
  • ضياع حلم الإيفاد وتكملة الدراسة في الخارج بالأخص لخريجي الدبلوم العالي، وكنت قد تحدثت عن هذا الموضوع بالتفصيل في تدوينة سابقة وبالتحديد عن الصعوبات التي يواجهها طالب الدبلوم العالي في تكملة دراسته بالخارج والداخل، مع إيقاف الدولة للإيفاد توفيرًا للنفقات إلا في الحالات الطارئة (كيف تكون الدراسة في الخارج طارئة؟).
  • لا شئ معروف بالنسبة للمعيدين فالكل بانتظار صدور ميزانية 2016 وتشكيل حكومة موحدة، اﻷمر الذي لم يحصل حتى الآن.

تجميع الأرقام الوطنية

يبدو وأن الإجراء مستمر حتى الآن، حيث قامت الهيئة بتعميم طلب اﻷرقام الوطنية الخاصة بالسادة المعيدين لتسليمها لديوان المحاسبة لعمل إجراءات التفويض المالي والمرتبات، لن يتم تحويل الإجراء حتى يرسل أخر معهد وكلية في ليبيا الحبيبة كل اﻷرقام الوطنية، متى يحدث ذلك؟ العلم عند الله.

ازدواجية المرتبات

السادة المعيدين الذين وقع قرارهم ويشغلون وظائف حاليًا لن يتم فصلهم من وظائفهم أو استبعادهم من القرار، بل سيتم تخييرهم بين الوظائف حسب قواعد الازدواجية ولن يتم قبولهم كمعيدين حتى يأتوا بالاستقالة من جهة العمل الأخرى، نرجو منهم تسليم أرقامهم الوطنية دون قلق بإذن الله.

إذن الصرف 

تحصلت الهيئة على الموافقة من ديوان المحاسبة، ومن المفترض أن تكون العقود بالكليات حيث يمكن توقيعها، لأن المعاهد العليا بدأت بالفعل في توقيع عقود معيديها، وسيتم صرف المستحقات المالية حال إحالتها من مكتب المعلومات والتوثيق بوزارة المالية.

 

تمكين معيدي المعاهد من مباشرة أعمالهم

تمكين معيدي الكليات من مباشرة أعمالهم

تمكين معيدي الكليات من مباشرة أعمالهم

ختامًا

سؤالي للمسؤولين عن التعليم والسياسيين والوزراء: إلى متى يتم تهميش المعيدين؟ متى سيلتحقون بوظائفهم ومتى يذهبون للدراسة فقطار العمر يمر، وبقائهم هكذا محلك سر يعطل الأجيال التي بعدهم من الحصول على وظيفة معيد ويعطل مسيرة التعليم في ليبيا. ورغم أن التعليم لا يبدو أولوية الآن إلا أنه أهم وجه للإنفاق في الدولة، ولنا في التجربة السنغافورية والألمانية بعد الحرب العالمية مثال حي وناجح.

أرجو منكم مشاركة التدوينة والتفاعل معها لعلها تصل إلى المسؤولين وتتضح الصورة للناس.
هذه التدوينة تحت رخصة المشاع الإبداعي المشاركة بالمثل. يمكن مشاركة هذا النص بشرط ذكر المصدر صراحة.

بعد توقيع القرار وتمكين المعيدين من مباشرة أعمالهم تظهر مشكلة جديدة، اطلع عليها لطفا من هذا الرابط.