كنت قد دونت عن رحلتي الى مدينة غريان منذ بضعة أشهر على هذه المدونة، خلال هذه الرحلة تعطل بوق التنبيه (عندما اصطدمت السيارة بحفرة ما على الطريق الرابط بين قصر بن غشير والرقيعات)، وظللت لبضعة أشهر من دون بوق، وهذا دفعني للتفكير عن كم المرات التي أستعمل فيها البوق، وعن مدى تأثير ذلك على معنوياتي وأعصابي وأعصاب من حولي.

 القيادة دون بوق التنبيه

القيادة في شوارع طرابلس وضواحيها أصبحت مزعجة بالفعل، الكثيرون لا يحترمون قواعد المرور، وبوق التنبيه يصبح أساسيًا لتنبيه المجتازين في الاتجاه العكسي والمعتدين من يمين الطريق ويساره (باستثناء السيارات المظلمة طبعًا، فهؤلاء لا يجب تنبيههم!)، وأيضا لتحية المعارف والأقارب حين رؤيتهم وإلا اتهموك بالتكبر والتجاهل، وتهم أخرى ليس هذا المقام محلًا لذكرها.

مواقف تستوجب التنبيه

خلال هذه الفترة “الخرساء” تعرضت للعديد من المواقف التي تمنيت أن لدي بوقًا خلالها، فمثلًا:
تعرضت لموقف في صباح أحد أيام السبت عندما خرج أحدهم من شارعه الفرعي يساري مجتازًا،  واتجه نحوي مباشرة وكاد يصدمني لولا أنه لاحظني في أخر لحظة وأدار المقود للاتجاه الأخر، ثم عاد ليعتذر ثم تأخر مجددًا – ربما ليعالج كمية المعلومات الكبيرة التي فشل في فهمها – وأخر ما رأيته في المرآة الخلفية هو توقفه إلى يمين الطريق.

أنا أعتقد أنه كان يمكن تفادي هذه الدراما الصباحية بضربة بوق واحدة توقظه من غفلته!!

كما لاحظت (عندما كان لدي بوق) أن بعض الناس يشعر بالإهانة عند تنبيهه بالبوق، ومستعد للنزول من سيارته والعراك إذا نبهته بالبوق! إن كنت لا تريد من ينبهك فلا تخطئ! هل البوق الذي يهدئ أعصابي عند ضربه يستفز اﻵخرين؟

وغير هذه المواقف كثير!

صورة لبوق تنبيه

تركيب البوق

كل هذا جعلني أشتري بوقًا وأخذه للورشة لتركيبه (وجدت أنه أصعب من أن أركبه بنفسي) ولحسن حظي كان الفني الذي تعاملت معه من النوع الفاهم لكل شيء، وانتقد نوعية البوق الجديد، وأنني اشتريته دون سؤاله وأن العطل قد يكون في شريط “الكلاكس”، كذلك أصر أن للسيارة بوقين وليس بوقًا واحدًا، وأن أحدهم يقع يمين السيارة والأخر يسارها، قبل أن ينزل تحتها ويكتشف أن لها بوقًا واحدًا فقط، وخلال ربع ساعة تأكد أنني كنت محقًا في شراء البوق قبل سؤاله (وكل هذا قبل الساعة الثانية عشر صباحًا يوم اﻷربعاء، ياله من شخص لطيف!).

لحسن الحظ تمكنت من شراء البوق بالبطاقة المصرفية، شكرا لمحل الفوارس (هذه ليست دعاية للمحل)!

بين الإفراط والتفريط

أحد زملائي من شلمبرجير والذي كان يذهب معي للعمل صباحًا قال أنني أكثر شخص في ليبيا يستعمل البوق، ربما كان محقًا ولذلك البوق بالنسبة لي ضرورة، كما علمتني هذه الأشهر الست قيمة البوق وكيفية استعماله بشكل صحيح وعملي.

ذكرني هذا بشخصية السيد مسؤول من مسلسل الفات سات (مسلسل رائع جدًا على فكرة) وهو يقدم حل مشكلة التلوث السمعي (عداد الكلاكس) وهي فكرة بيوروقراطية عبثية، لكنني سأتذكرها كلما ضربت بوق التنبيه.

                                        

تبدأ الفقرة من الدقيقة 4:33.

الرفاهيات – الضروريات

هذا يعني أن ما قد يكون رفاهية بالنسبة لشخص ما، يكون ضرورة لشخص أخر، وفي ظل أزمة سيولة خانقة كهذه يصبح للإنفاق حدود ولكل دينار قيمة -رغم التضخم-، لكنني سعيد لأنني أصلحت البوق، وصوته أفضل من صوت البوق الذي تعطل (لدرجة أن البعض على الإنترنت غيره لأن صوته ضعيف).

قد شاهدت تغريدة لأحد المدونين يعتبر فيها مسجل السيارة من الضروريات، مسجل سيارتي لا يعمل الا بالخطأ، ولا أهتم لذلك كثيرًا، لذلك عندما كان الخيار بين تصليح البوق والمسجل، كان البوق على قائمة أولوياتي، بينما المسجل ليس منها، وأعتقد أنه في مدينة مزدحمة لا يلتزم السائقون فيها بقانون المرور، البوق يعتبر أولوية قصوى.

ختامًا

ما رأيك في هذه التدوينة؟ هل تستعمل جهاز التنبيه بكثرة؟ أم أنك من النوع الذي لا يحب إزعاج الآخرين؟