تطالعنا وسائل الإعلام في كل وهلة بالحديث عن سياسات اليمين واليسار. وإن ركزت في أي سياق انتخابي فستسمع عن الأحزاب المحافظة (اليمينية) والأحزاب الليبرالية (اليسارية) وهي تتبادل الاتهامات ويعهد إلى بعضها بتشكيل الحكومات أو حلها. اليوم سأتحدث من وجهة نظري الخاصة حول اليمين واليسار (السياسي) ولماذا أعتقد أن كلاهما أكذوبة!

فلنبدأ بيد العرب (اليمين) وماذا يعني اليمين في أمريكا؟

السياسات اليمينية تعني تبني موقف محافظ مجتمعيا تجاه مختلف القضايا:

  • فتجد أن اليمين يتبنى مواقف متشددة تجاه المهاجرين (وبالأخص من الدول المسلمة).
  • اليمين لا يميل إلى دعم الدولة للمواطن بأي شكل ويتميز برأسمالية خالصة.
  • فرض ضرائب على المواطنين وإعفاء رؤوس الأموال الكبيرة التي تحرك السوق.
  • ومواقف أخرى لا أحبذ الحديث عنها.

donkey shakes elephant hand. Democrats Republicans. Comic cartoon pop art vector retro vintage drawing

ثم ننتقل للطرف النقيض: اليسار

  • اليسار في أمريكا يتقبل المهاجرين أكثر من اليمين (ولو أن مواقفهم من المسلمين ليست بناصعة البياض).
  • اليسار يميل لدعم المواطنين وبالأخص في أوقات الأزمات الاقتصادية (كوباء كورونا الآن).
  • تقليل الضرائب على المواطن وبالعكس وضعها على الشركات وأصحاب رؤوس الأموال.
  • ويسجل على اليسار بعض المواقف الأخلاقية التي (لا ترضي الله عز وجل).

معضلة الخيار الثنائي

عندما تقدم لشخص خيارًا ثنائيًا فهذا يعني حصر اختياراته في منظومة ضيقة بمنطق الصفر والواحد. إما أن يكون في أقصى اليمين أو في أقصى اليسار. وحتى الدرجات المتفاوتة من اليمين واليسار لا تتزحزح عن المواقف الخلافية بين التيارين المتناقضين.
اليميني يرمي اليساري بالشيوعية (وهي تهمة تحضر وتغيب حتى في دولنا العربية)، بينما يعاير اليساري نظيره اليميني بالرأسمالية الفجة والتحجر الفكري.

هل المسلم بطبعه يميني أم يساري؟

قد تغريك كلمة اليمين وأن المسلم يأكل بيمينه فهذا يجعله يمينيا .. لكن الجواب يأتيك من سورة البقرة في قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا).
إذا المسلم ليس يمينيا ولا يساريا. بل هو وسط بين هذا وذاك.

يحضرني كلام الدكتور مصطفى محمود رحمه الله عندما تصدى في كتابه (أكذوبة اليسار الإسلامي) لمن حاول تقسيم سادات الصحابة – رضوان الله عليهم – إلى يمين ويسار. وهذا شطط في التفكير له مآرب خبيثة.

الصراع الأزلي

عندما تحصر مواقف أخلاقية بعينها بين اليمين واليسار. هذا يعني مساومتك حول موقف معين وتخليك عنه بمجرد التبعية. وهذا أيضا يعني أن الإصلاحات لن تتم كلها بسيطرة حزب واحد أو تيار واحد. مالا يعني تشجيع التبادل السلمي للسلطة. بل تهميش مواقف معينة على حساب أخرى يهملها الحزب أو التيار الأخر.. لعبة كراسي موسيقية الهدف منها إلهاء المواطن عن واقع قضاياه وعن قصور أي تيار في تلبية حاجاته.

هل اليمين واليسار شر لا بد منه؟

إن ترك اليمين على هواه دون مقاومة تنمو الحركات الشعبوية المتطرفة. رأى العالم أمثال هتلر وموسوليني في الحرب العالمية الثانية. ودونالد ترامب الرئيس الأمريكي المنتهي ولايته. وعلى النقيض رأى العالم بول بوت وماو وجوزيف ستالين كأعلام لليسار المتطرف. فقد يقول قائل أن العالم بحاجة لأن يقلم اليمين واليسار أظافر بعض لمنع ظهور مثل هذه الأورام السرطانية التي تشكل خطرًا على السلام العالمي وحياة الملايين ..

ما أعتقده في هذه المسألة

كل من اليمين واليسار يمتلك نظرة ما حول السياسات والأخلاقيات. ومن الخطأ توريد الموقف والفكر على علاته وعدم ملائمته للمجتمع الذي نعيش فيه. أي أن يصبح المرء يمينيا أو يساريًا يتناول الغث والسمين من مواقف الطرفين دون نقدها وتقويمها.
بل من الواجب أن نتبنى السياسات والمواقف التي تتماشى مع ديننا وأخلاقنا. بغض النظر من وقوعها يمين الملك أو يساره! ودون استكمال صورة الحزب أو الموقف النظرية التي لا تهم حقيقة!
السياسة الحسنة والتوجه القويم لحل المشاكل لا يهم من أي تيار يأتي.

وأنت عزيزي القارئ؟ ما رأيك في اليمين واليسار السياسي؟