ذهبت اليوم مع صديقي لزيارة حينا القديم بتاجوراء.
شيء يفعله كل الشعراء، يقفون على الأطلال وما إلى ذلك. مررنا بالعمارات التي كنا نقطنها، ومررنا كذلك بسوق يعرف باسم: السوق الأبيض الكبير – تمييزا له عن الصغير الذي تم هدمه في العام 2009.
السوق مهمل ويبدو أن الأدوار العلوية لم تشغر منذ سنوات. شيء مؤسف أن هذا السوق رغم مكانه الخدمي لم ينجح في جلب استثمارات.
أثناء نزولي الدرج حانت مني لفتة نحوها، وعاد بي شريط الذكريات إلى الوراء. نحو صالة البلاي ستيشن.
صالة البلاي ستيشن هي مكان يمكنك لعب أي لعبة تختارها على جهاز بلاي ستيشن لربع ساعة مقابل نصف دينار.
هذا المحل كان سببًا في تسرب الطلاب من المدرسة. يأتون من كل حدب وصوب لإنفاق أموالهم واللعب على حساب الدروس.
(علي) عاشق ألعاب الفيديو
أتذكر يوم صحبني صديقي (علي) إلى هناك. شرحه المشوق عن ألعاب الفيديو واستعماله لخياله ألهب خيالي لرؤية ماهية هذا الجهاز. لو كان (علي) صاحب قناة يوتيوب لكان له آلاف المتابعين بعفويته وبساطته.
كنت خائفًا ومرتبكًا لأن أمي منعت علي الذهاب للمحل. حيث أن صيته قد ذاع في الحي بسبب تسرب الطلاب الأنف ذكره. صعدت الدرج الموضح بالصورة ودلفت المحل المليء بالصبيان من كل الأعمار، وأنا ألهث لثقل حقيبتي، ولطول الدرجات.
نظرة أولى ووحيدة
تطلعت نحو شاشة التلفاز الصغيرة في المحل المظلم، ورأيت ما يشبه الديناصور يقع من عل. كانت الرسوميات كشيء لم أره من قبل. أستطيع تشبيه التجربة بإنسان كهف شاهد التلفاز لأول مرة. ذهلت لهول المنظر وخرجت راكضًا نحو البيت! لم أستطع مشاهدة أكثر من ذلك خوفًا من العقاب، حيث أن أمي -حفظها الله- تعرف كم يستغرقني من الوقت لأعود من المدرسة. فنحن كنا نسكن بجوارها تمامًا.
الممنوع مرغوب
كان عامل الجذب لهذا المحل هو سمعته السيئة بين الأهل، والمنع الشديد من ارتياده. حيث تحول للفاكهة المحرمة التي أصبح مذاقها ألذ. وصارت مطلوبة من كل شباب الحي. هذا درس في التسويق:
إذا أردت انتشار شيء فأمنعه.
اليوم لا أذكر ما كانت اللعبة التي رأيتها، حاولت العثور عليها دون جدوى. وتبدو لي رسوميات البلاي ستيشن مكعبة وغريبة. عكس ما كنت أعتقد وأنا ابن 9 سنين.
إن الأمور في ذاكرتنا تبدو أكبر وأعظم دائمًا..
في الختام
هذه ذكرى عادت دون أن أطلبها، فقررت تخليدها، ومشاركتها مع معشر القراء.
هل كان هناك صالة بلاي ستيشن في حيكم؟ متى كان أول مرة رأيت فيها جهاز ألعاب؟ هل تذكرها؟