أتذكر يوم رسمت هذه الرسمة بالمعهد الذي كنت أدرس به. كان ذلك في خريف العام 2011 عقب سقوط النظام السابق بقليل. أتى للمعهد رسام نحيل يرتدي نظارة ويحمل أدواته. أمضى بضع ساعات وهو يرسم ثم رحل.
التقطت الصورة فقط لأني ظننت أنها تبدو رائعة. أحببت اللون الأحمر الذي ذكرني بعلم مقاتلي (الكامي كازي) اليابانيين.
الرسمة من منظور مختلف
أنظر الآن لهذه الرسمة وأفكر في معنى الوحدة الوطنية. بشاعة الحرب الأهلية. تشعرني قذارة مسعّري الحروب وقارعي طبول الفتنة بالاشمئزاز.
لا أدري كيف تستطيع ترسيخ الوحدة الوطنية مع من يهدد المدن الأمنة المطمئنة في كل حين بالزحف، والتحرير، والتطهير. هل قتل النفس وتدمير الممتلكات أمر مباح في سبيل الحكم والوصول إلى كرسي السلطة؟ كم من هزيمة يجب أن يتكبد هؤلاء قبل أن يدركوا أن السبيل إلى الحكم لن يكون مفروشًا بالدماء، والأشلاء، والركام؟
قوة الرمزية في العبارة
كيف لعبارة من ثلاث كلمات أن تختزن كل هذه المعاني؟
الوطنية هي العمل بإخلاص لصالح الوطن وخدمته. وتقديم ذلك على المصالح الشخصية، والجهوية، والقبلية. قل من المسؤولين من حمل هذه الأمانة وأعلى مصلحة الوطن قبل الذات.
كما أن اختيار عمر المختار هو اختيار موفق كونه رمزًا لحركة الجهاد ضد المستعمر الإيطالي.
ماذا عن الآن؟
عدت إلى المعهد لإتمام شيء ما وحانت مني لفتة إلى الجدار الذي كانت عليه الرسمة فوجدتهم قد غطوها بطبقة من الطلاء. لقد خبت حماسة الثورة الأولى ورحل الجيل الثائر بين قتيل وجريح وخريج. وعاد المعهد لحياده الرمادي (وهو للمصادفة لون الجدار الجديد).
هل من أمل في تحقيق السلام، والمصالحة، والوحدة الوطنية؟ أم أن مصير ليبيا هو التقاتل حتى التقسيم، أو الفناء؟