احدى المهن الضرورية في المجتمع هي مهنة الحلاق، الحلاق صديق الجميع ويعرف أسرار الكل وعيوب رؤوسهم، أين منابت الشيب وبقع الصلع، ويستطيع بمهارته إخفاء العيوب وإبراز المحاسن.
يشيع جوا من البهجة بثرثرته الدائمة وينقل اﻷخبار أسرع من أي وكالة أنباء عالمية، هذه الصورة النمطية للحلاق.

لماذا الحلاق شخص مهم؟

أهمية الحلاق المحافظة على الشكل العام للرجال والنظافة الشخصية، كما أنه كان طبيبًا في العصور القديمة (من هنا يأتي مصطلح حلاق الصحة)، ويقوم بعمليات الختان (الطهور) والإسعافات اﻷولية لأنه قريب من القطن والدم؟ كما أنه كان يكافح الكوليرا في أيام العثمانيين بمقصه وشنبه الضخم.

لفترة طويلة كنت أتردد على حلاق واحد، هذا الروتين يعني التعود واﻷلفة على شخص معين يحفظ قصة شعري ويعاملني بشكل جيد، وبعد الانتقال من منزلنا إلي مكان آخر تنقلت بين حلاقين عدة وكنت أعود للحلاق القديم حتى ترك وظيفته.

بسبب غياب الاستقرار من الصعب استقرار حلاق في مهنته لفترة طويلة، ويحدث كثيرا أن المحل الواحد يتعاقب عليه حلاقون عدة، كل منهم له أسلوبه الخاص وطريقته في العمل وحتى تسعيرة مختلفة، ما يصعّب جدا الاستقرار مع شخص واحد، أخرهم انتقل من المدينة عقب الاشتباكات اﻷخيرة وعاد لمدينته شرق البلاد..

معايير اختيار الحلاق

  • الالتزام بالتسعيرة المحددة من البلدية، حاليا التسعيرة لحلاقة الشعر خمسة دنانير، وبعض الحلاقين أرخص من ذلك وكثير من الحلاقين أكثر من هذا السعر.
  • البعض يصف نفسه بأنه مصفف شعر (حلاقة عصرية) وهذا يعني أنه يقوم بعمل الأقنعة الطينية والبخار وما إلى ذلك، وإذا وضعك حظك السيئ في نفس اليوم مع شخص يرغب في ان يبدو كعريس ستظل تنتظر لساعات حتى ينتهي من تسوية حواجبه بالخيط ووضع أقنعة طين متعددة على وجهه.
  • النظافة العامة للمحل، ونظافة الحلاق نفسه، وكذلك اهتمامه بتعقيم اﻷدوات والفوط. لفت انتباهي أن أحد الحلاقين “العرب” كان جائعًا فقرر صناعة سندوتش بيض مطبوخ وتناوله أثناء الحلاقة لأحد الزبائن، وهذه التجربة هزّتني من الداخل.
  • يفضل أن يكون الحلاق شخصًا طيبا ولطيفا يمكن بناء علاقة عمل معه، وأن أحجز مثلا قبل الموعد بوقت قليل.

التوقيت

  • توجد بعض المواسم لا احبذ فيها الذهاب للحلاق: مثل اﻷسبوع اﻷخير من رمضان قبل العيد، يزيد الزحام ويرفع بعض الحلاقين تسعيرتهم لدرجة أن أحدهم وصل إلى سبعين دينارَا للحلاقة!  شخصيا أفضل الحلاقة في بداية شهر رمضان عندما يكون الزحام حول محلات المواد الغذائية، ومع يوم العيد يطول الشعر قليلا ويصبح مناسبا.
  • عند انقطاع الكهرباء من اﻷفضل عدم الذهاب للحلاق ومغادرته عند حدوث ذلك، مرة اضطررت إلى الانتظار من بعد صلاة العصر حتى الحادية عشر مساء (وكانت حلاقة سيئة). تأمل كمية الوقت الضائع والأحاديث الجانبية المملة التي اضطررت للاستماع إليها ذلك اليوم! هذا مع الفوضى ودخول “جماعة شارعنا” للحلاقة قبل الزبائن لان الحلاق يخاف منهم! كم صفحة كنت استطيع أن اقرأ في ذلك اليوم؟

تسريحة ملائمة

إذا أردت المحافظة على تسريحة جيدة فعليك الحلاقة بشكل دوري منتظم، بعض اﻷشخاص يحلق شعره كل أسبوعين للمحافظة على “تسريحته”، والبعض اﻷخر يحلق كل شهر، والبعض ينتظر حتى يطول شعره دون وضع اعتبار لتوقيت محدد. ومن المعروف علميا أن الشعر يطول أكثر في فصل الصيف عنه في فصل الشتاء.

لذلك الحفاظ على مظهر جيد يكلف كثيرًا (إن لم يكلف كثيرا لما كانت الحلاقة مهنة، أليس كذلك؟).

الحلاقة بنفسك

اصنعها بنفسك، هناك بعض اﻷمور ليس من المحبذ أن تقوم بها بنفسك ومنها الحلاقة (قائمة تتضمن الجراحة وقلع اﻷسنان، إلا لو كنت ذلك الجراح الروسي المبدع الذي أجرى لنفسه عملية في المعدة). إن حاولت الوقوف أمام المرأة لحلاقة شعرك بالمقص ستتسبب في كارثة عاجلا أم أجلا، وستذهب مرغما للحلاق لتصلح ما أفسدته وهو ينظر لك بسخرية ولسان حاله يقول: (دع الخبز لخبازه).

 

صورة للجراح الروسي الذي أجرى لنفسه عملية الزائدة الدودية

هناك طرق تمكنك من الحلاقة بنفسك في التوقيت الذي يلائمك، والمحافظة على مظهر مقبول. سأستعرض بعضها في التدوينة القادمة.

ختاما

هل لديك حلاق خاص بك؟ هل تعاني من الانتظار طويلا لدى محلات الحلاقين؟ رأيك يهمني.