لا يخفى على أحد أنني مشجع قديم (لإنتر ميلان)، لقد دونت عن شغفي بهذا الفريق في عدة مواضع منها تدوينة حول ساعة قديمة أصلحتها. وعن قميص أجلت شراءه حتى يفوز الفريق بالدوري .. حسنا، لقد حدث ذلك! لقد فاز الإنتر بلقبه التاسع عشر!! (الإنتر) بطل إيطاليا لموسم 2020 – 2021
سنين عجاف
11 سنة مرت منذ اعتلى (إنتر) منصة التتويج. عام الثلاثية بقيادة (جوزيه مورينهو) الذي كان نهاية حقبة في تاريخ (الإنتر) .. وبداية حقبة أخرى من الألم والحسرة والأحلام الضائعة .. إعارات بالجملة ولاعبون توسم الجمهور فيهم خيرًا، حمل كل منهم وعودًا غالية وآمالًا عريضة تحطمت على صخرة الواقع المرير .. ومدربون يلوك كل منهم أعذارًا جاهزة وجملًا تثير الأعصاب ..
اللقب التاسع عشر
هذا اللقب هو الأغلى.. يأتي ليحرر إيطاليا من عبودية الفريق الواحد. وينفي عن (الكالشيو) تهمة دوري القطب الواحد كما هو الحال في فرنسا (باريس سان جيرمان)، وألمانيا (بايرن ميونخ). وليحرم الغريم الأزلي (يوفنتوس) من عشرية متتالية تاريخية كان على وشك نيلها.
(إنتر) المجنون و(كونتي)
إن كنت تشجع (إنتر) كما أفعل أنا فستعلم جيدًا ما هي (الباتزا)! الجنون واللامنطقية باللغة الإيطالية. الفريق المجنون الذي يحطم المنافس القوي بسباعية ثم يهزم من متذيل الترتيب في الأسبوع التالي! الفريق الذي ينشر غسيله القذر في برامج الفضائح ويتبادل لاعبوه الشتائم على الملأ! الفريق الذي يصاب بالاكتئاب الشتوي ويتخبط في النتائج..
أتى الجنرال (كونتي) وأمامه مهمة صعبة.. طرد شبح (الباتزا) الذي يحيط (بالمياتزا) (ملعب الإنتر) ويتعامل معه الجمهور على أنه حقيقة غير قابلة للنقض. وتحويل هذا الفريق من فريق مهزوز ضعيف الشخصية إلى عملاق يليق به حمل تاريخه المجيد.
هذا المدرب العصابي العنيد! الذي اتهمه الكثيرون جزافًا بالعمالة والخيانة! كم يحلو لك كراهيته وشتيمة نظامه المتصلب الجلف. وخياراته التكتيكية التي لا يفهمها أحد غيره. وإصراره على أشياء تبدو لك تافهة. لكن هذا الرجل استطاع أن يأتي بما فشل فيه كوكبة من المدربين. وسلم للجمهور أغلى هدية. أول لقب يدخل خزائن النادي منذ أيام (جوزيه مورينهو ) وثلاثيته التاريخية.
اللب “اليوفنتيني” ومعادلة النجاح الإيطالية
بعد مجيء (جوزيبي ماروتا) وتسلمه منصب المدير التنفيذي بالنادي وتلاه (أنتونيو كونتي) في منصب المدرب بموسم واحد فقط. خامرني القلق بشأن هوية النادي. هؤلاء موظفون سابقون (ليوفنتوس) وأشك تمامًا في أنهم يفهمون قيم هذا النادي ويحترمونها.
هل يجب أن تفرط في قيمك لتنجح في دوري مثل الدوري الإيطالي؟ هذه كلها أسئلة فلسفية لا أملك إجابات واضحة حولها. لكنني أعلم أن هذه المعادلة البرجماتية ناجحة، وأنها آتت أكلها اليوم.
هل كنت أرى هذا اللقب يحدث؟
نعم وإن كنت خائفًا من الاعتراف بما تراه عيناي! كنت أرى اللاعبين يستميتون من أجل الغلالة! يصولون ويجولون على أرض الميدان. حتى الاحتياطيون منهم الذين لم يلعبوا منذ أمد بعيد. كان كل منهم جنديًا في كتيبة وترسًا في آلة. كل منهم يعرف دوره ولا يحيد عنه قيد أنملة. ترى هؤلاء اللاعبين يقاتلون من أجل النصر، ومن أجل الغلالة التي يرتدونها.
كنت أرى الأداء العالي وأقول لنفسي لا يمكن أن لا يتوج هذا الأداء ببطولة!
متى عرفت أن هذا (الإنتر) يستطيع حسم اللقب؟
عرفت ذلك عندما شاهدت مباراة ذهاب نصف كأس إيطاليا ضد (يوفنتوس). رأيت فريقًا بشخصية البطل! فريقًا يهاجم بخطورة ويدافع بصلابة. وشعرت لأول مرة منذ أيام (جوزيه مورينهو) أن هذا الفريق يمكنه أن يسير الشوط حتى نهايته.
أرقام وإحصائيات
- (الإنتر) الأقل هزيمة في الدوريات الخمس الكبرى بهزيمتين.
- (الإنتر) ثاني أقوى خط هجوم في البطولة.
- (الإنتر) أقوى خط دفاع في بلد الدفاع.
- (الإنتر) متصدر للدوري بفارق 13 نقطة عن أقرب ملاحقيه.
- جاء الحسم قبل أربع جولات من النهاية. مصداقًا للأداء العالي والهيمنة التامة هذا العام.
إن كانت هذه الأرقام لا تكفي لتبرير هذا اللقب الغالي.. فلا شيء سيفعل!
(الإنتر) قادم .. (الإنتر) هنا ..
- منذ تسلمت (سونينج) دفة قيادة (الإنتر) رفعت شعار (الإنتر) قادم. ووضعت نصب عينيها العودة للمنافسات الأوروبية والبقاء هناك..
- الوصول لنهائي الدوري الأوروبي وفرق نقطة عن المتصدر.
- الفوز باللقب الغالي الغائب عن الخزائن لأحد عشر سنة.
الشعار الجديد .. الحملة الجديدة .. أنا إنتر!
لم يكن ليكون وقت إطلاق الحملة ملائمًا أكثر و(الإنتر) الأقرب ترشيحًا للفوز (بالاسكوديتو). ألوان فاقعة، وخطوط جريئة، وحملة بسيطة وجذابة. أنا (إنتر)! تغيير الاسم ليكون (إنتر) في إيطاليا وخارجها.
مالذي يحمله المستقبل لهذا (الإنتر)؟
- بدء حملة الدفاع عن اللقب ضد جحافل المنافسين.
- المنافسة أوروبيا والوصول لمراحل متقدمة في دوري الأبطال.
في الختام
ألف مبروك لكل جماهير (إنتر) العريضة على هذا النصر. النصر المقنع الذي لا تشوبه شائبة. وألف مبروك للكرة الإيطالية لاستعادتها عافيتها وتنافسيتها. وخروجها من عزبة القطب الواحد. ودخول حقبة جديدة شعارها التنافس والحماس واستعادة الأمجاد القديمة.