أقصد بهذا السؤال: ماذا كنا نفعل قبل أن يدخل الإنترنت المنزل. ويصبح لكل منا حياة على الإنترنت. بريد إلكتروني، وحسابات على مواقع التواصل، وحتى مدونة – أنظر إلي وأنا أحطم الجدار الرابع -.

دونت كثيرا في هذه المدونة عن الإنترنت وطرحت العديد من التساؤلات. إن كان الانترنت البطيء يجعل الحياة أكثر متعة؟ وكيف كانت الحياة عندما قطع الانترنت في ثورة 2011. وأيضا تذكرت مقاهي الانترنت وكيف كانت الحياة معها.

رسوم الكهف من أكاكوس

لا أستطيع الإجابة للكل بالطبع. ولكنني أستطيع أن أجيب عما كنت أفعل في أوقات فراغي قبل أن ألج الشبكة العنكبوتية، وتتغير حياتي مرة، وللأبد.

يمكن اعتبار هذه التدوينة الجزء الثاني من تدوينة أخرى دونتها العام الماضي.

الكثير من التلفزيون

اليوم أكاد أتم عقدًا بدون تلفاز، ولكن قبل بضع سنوات كنت أشاهد التلفزيون بكثرة، الكثير من البرامج الوثائقية. قنوات مثل Discovery و National Geographic و Animal Planet. كنت محظوظًا بما يكفي لأن أتمتع بهذه القنوات معًا في نفس الوقت. هذه القنوات الوثائقية أشبعت فضولي حول العالم، حول التاريخ، حول الأديان، حول الطبيعة.

ألعاب الفيديو، هل تمازحني

دونت عن السيجا الأثيرة وعن الساعات الكثيرة التي أمضيناها ونحن نختبر الأشرطة المختلفة.

أيضا جهاز (بلاي ستيشن 2) بألعابه الرخيصة والكثيرة. لم أكن لأفكر بولوج الإنترنت ولدي لعبة لأتمها، أو معركة أريد خوضها.

القراءة، والكثير من القراءة

سواء كانت كتبًا ورقية، أو إلكترونية. كنت أمضي أمسيات عديدة وأنا أقرأ كل ما أجده مثيرًا للاهتمام. لاحقًا جمعت كل تلك المعارف في رف موقع (قود ريدز) الشهير لتكوين أرشيفي الشخصي.

مساعدة والدي في بناء المنزل

ككثير من الليبيين أبي بنى منزله بنفسه دون مساعدة من أحد. عندما يعمل في دور المقاول فإن الكثير من الأمور بحاجة للعمل. مهما كان العامل أمينا ومخلصَا فهو لن يلتفت لمصلحة الدار كصاحبها.

كنت أرافق أبي في الأمسيات وأساعده حول المنزل. سواء بجمع مواد البناء، أو التنظيف، أو أي شيء يطلبه مني. وأيضًا أستكشف الطبيعة من حولي.

مراقبة الطيور

كنت عندما أخرج أبحث عن الطيور حيثما ذهبت. وهذا قادني لمشاهدات رائعة. حينا عندما انتقلنا إليه كان منطقة زراعية غضة، مليئة بالطبيعة والطيور. وكنت كالإسفنجة أمتص كل الظواهر الطبيعية من حولي. سواء التي رأيتها في برامج الطبيعة، أو قرأت عنها في الكتب مثل كتاب الطيور الليبية، أو رأيتها وحاولت تكوين فهم حولها بما أستوعبه عن العالم. مثل ظاهرة طيران طيور الخليش في أسراب، أو عندما رأيت أنثى الدبور تقاتل العنكبوت الذئبية لوضع البيض بداخلها. تلك أشياء رأيتها وأدركتها، وانبهرت بها على أرض الواقع. ربما من المسلي أن تراها في فيديو على يوتيوب، لكن لا شيء يعدل رؤية هذه المشاهد على الطبيعة.

هل كنت أكتب في تلك الأيام؟

نعم، ولكن ليس كثيرًا. محاولات بسيطة ومتفرقة. دفاتر يوميات بدائية، ومشاهدات لطيور من هنا وهناك. لم أتمتع أبدًا بخط يد جميل. ذلك لم تكن الكتابة صديقتي المفضلة. كنت لسبب ما أربط بين جمال الخط، والكتابة في حد ذاتها.

ألا يمكن فعل نفس الأشياء مع وجود الإنترنت؟

بالطبع، ذلك ممكن. وأيضا الإنترنت ووسائل التواصل تعطيك شيئًا لتفعله دائمًا. أنت دائمًا تقرأ. تشاهد شيئًا حتى وإن كنت لا تعرف ما تشاهد أو تهتم به. الأمر أشبه بفتح الثلاجة من فرط الملل كل خمس دقائق، ولكن في هذه المرة الثلاجة بها طعام جديد. إشعار جديد، وشيء ليشغل انتباهك ولو لبعض الوقت.

أشهر متواصلة دون إنترنت

دونت عن انقطاع الإنترنت في ثورة 17 فبراير، وكيف كان بالنسبة لي كنقلة نوعية، وثقافية. لم أخرج منها كما دخلت. خلال ذلك الانقطاع تعلمت الطباعة باللمس، وجربت الكتابة لأول مرة.

جربت أشياء قرأت عنها لاحقًا دون أن أعي أنها هيكليات وآليات للكتابة. جربت طقوس الكتابة، جربت تغيير حالة الوعي بالحرمان من النوم، وجربت تأثير الحالات المزاجية المختلفة على النصوص.

لأحطم – الجدار الرابع – مرة ثانية أقول: كتبت المسودة الأولى لهذه التدوينة والإنترنت مقطوع عليَ!

في الختام

هذه إجابة لسؤال أعاد تغريده أ. عبد الله المهيري، ودون عنه. وقررت تخصيص تدوينة كاملة للرد على السؤال.

الكلمة لك عزيزي القارئ: ماذا كنت تفعل قبل الإنترنت؟ وهل غير حياتك كما غير حياتي؟ شاركني بذلك في قسم التعليقات.