ما هذا الكلام الذي أسمعك تقوله؟! سيارة أمريكية تصبح سيارة شعبية في ليبيا؟ وليست أي سيارة أمريكية بل سيارة من شركة فورد؟ التي أنشأها عملاق صناعة السيارات (هنري فورد) بنفسه.
نعم! ورغم غرابة كل ما تسمع، إلا أن الفورد التي أنا بصدد الحديث عنها، ليست أمريكية تمامًا! تابع القراءة لكي تعرف القصة..
توطئة واجبة
في التدوينة الماضية تحدثت بإيجاز عن تاريخ السيارات الأمريكية في السوق الليبي منذ الثمانينات من القرن الماضي وحتى الآن. اليوم سنتحدث عن الجيل الأول من فوكس (1998 – 2004) ولماذا تحول إلى ما يشبه الظاهرة في ليبيا في السنوات الأخيرة؟
قصة التصميم
في نهاية التسعينات عهدت فورد إلى مصمميها في أوروبا (بريطانيا وألمانيا تحديدًا) لتصميم سيارة تستبدل منصة (إيسكورت) العتيقة. والتي عبر أجيالها المتعددة كانت قصة نجاح في بريطانيا وحول القارة العجوز. هذه السيارة تم تسويقها للسوق الأوروبي والعالمي، وليس الأمريكي. لذلك قلت أنها ليست أمريكية تمامًا. علامة أمريكية بصناعة أوروبية.
لكن في جيل أيسكورت السادس تراجعت أرقام المبيعات وبدا جليًا أن المنافسين قد طوروا منتجاتهم وأن فورد لم تعد مواكبة لما يطلبه المستهلك.
حل صدم الجميع!
قامت فورد بدراسات واستطلاعات رأي حول ما يبحث عنه الزبائن في السوق الأوروبي. وكانت لغة التصميم New Edge Design. الذي تسرب لسيارات سابقة منها Cougar, Street KA. وهو تصميم وصفه النقاد بأنه تصميم إما أن تحبه، أو تكرهه! لا مجال للحلول الوسط!
حسب مدير فريق التصميم في شركة فورد تلخصت مطالب المستهلكين بالنقاط الثلاث الأتية:
- توفير إستهلاك الوقود.
- أداء نشيط وسريع.
- قمرة مريحة وواسعة لخمسة أفراد.
وتتويجًا لتلك الأبحاث التي ركزت على راحة المستخدم وما يطلبه. خرج تصميم فورد الجديد (فوكس) ليصدم النقاد والمتابعين وكل من له شأن بالسيارات! ولتصبح فورد (فوكس) سيارة العام في أوروبا للعام 1999 متفوقة على كل منافسيها. ولتخطو خطوات واسعة نحو هدف فورد الدائم. تصميم السيارة العالمية: السيارة التي يكون لها قبول في جميع أنحاء العالم دون تفرقة أو تمييز.
مالذي جعل فورد فوكس مميزة هكذا؟
-
- التصميم الغريب الذي لم يكن يشبه أي شيء صممته (فورد) ولا أي من المنافسين. بما في ذلك الأبواب والنوافذ والأضواء الخلفية.
-
- الثبات على الطريق في المنعطفات بفضل جهاز التعليق الخلفي المنفصل.
- التركيز على راحة الركاب والمساحة. هناك مساحة رأسية تكفي لرجل طويل القامة والكرسي الخلفي يسع ثلاثة بالغين.
- صندوق خلفي مصمم بذكاء يتسع لكل الحاجيات، ومنخفض بما يكفي لكي لا يعاني معه قصار القامة في تحميله.
- تحقيق المعادلة المستحيلة بين الأداء المميز وتوفير الوقود.
- نطاق واسع من الموديلات: هاتش باك بثلاثة أبواب (تسمى سيارة باب واحد في ليبيا)، هاتش باك بخمسة أبواب (بابين في ليبيا)، سيدان (صالون)، وسيارة عائلية. بل أن هناك نسخة ذات ناقل حركة عادي بست سرعات بها محرك ذو 170 حصانًا!
- نطاق واسع من المحركات يبدأ من 1.4 لتر وحتى 2.0 لتر (مرورًا ب 1.6 و 1.8 لتر)، وأيضًا محرك ديزل -نافطة– لم أرى منها في ليبيا بعد.
- تأتي بثلاثة نواقل حركة (كامبيوات): أوتوماتيك بأربع سرعات، وعادي بخمس سرعات، وعادي بست سرعات (للأداء الرياضي).
- وجود موديلين ذوي أداء مرتفع: St170، و فورد فوكس RS.
على مر أجيال فورد المتعددة ظل هذا الجيل (الجيل الأول) المفضل لدى الزبائن حول العالم بسبب المميزات التي ذكرتها أنفا. وعدم ترحيبهم ببعض المزايا والتعديلات الشكلية والميكانيكية التي أدخلتها فورد عبر السنوات.
أرقام حول فورد فوكس
- بيع منها 13.6 مليون سيارة حول العالم بأجيالها الثلاثة حتى عام 2020.
- تحتل الترتيب الخامس في تاريخ شركة فورد كالسيارة الأفضل مبيعا.
حسنًا .. لماذا أصبحت سيارة أوروبية من منتصف التسعينات سيارة شعبية في ليبيا في العقد الثاني من الألفية؟
- رخص سعرها في دول أوروبا الذي يشجع التجار على شرائها وتصديرها إلى ليبيا.
- إقبال الجمهور عليها.
- رخص ثمنها في السوق مقارنة بالسيارات الكورية واليابانية المستوردة من الخارج. وإن كان بدأ يرتفع مؤخرا.
- توفر قطع الغيار الأصلية والجيدة (After market) بأسعار مناسبة.
- تواجد الفنيين القادرين على العمل عليها دون تعقيد.
الميزات السابقة التي ذكرتها هي أمور يقدرها المشتري الليبي كذلك.وهي تجعلها سيارة مرغوبة.
مجتمع نشيط حول العلامة
هناك عدة مجموعات على الفيسبوك يتعدى عدد أفرادها ال 26 ألف عضوًا مخصصة لهذه السيارة. وفيها يتبادلون الخبرات حول السيارة وطرق الصيانة، وأيضا تعرض سيارات للبيع والشراء. وهذا رقم كبير قياسًا بدخول السيارة الحديث نسبيًا. لاحظت شخصيًا انتشارها بكثرة مع منتصف العام 2019. والعدد في تزايد مستمر.
إطلاق تأخر لعشرين سنة
أعتقد أنه من الغريب والمثير أن سيارة من منتصف الألفية تحظى بشعبية في بلد لم يرها جديدة، بعد أكثر من عشرين سنة على صدورها. في وقت كانت فيه ليبيا ترزح تحت وطأة حصار اقتصادي خانق. وكان يبدو وقتها منذ سابع المستحيلات أن يمتلك مواطن ليبي سيارة من نوع فورد مثلا فهذا يعد مجاهرة بحب أمريكا الإمبريالية الرجعية في العلن!
ما هو دليلي أن سيارة فورد فوكس قد أصبحت سيارة شعبية؟
رأيت عددًا منها في شوارع طرابلس مصبوغة باللون الأصفر المميز لسيارات التاكسي. لا أظن أن هناك سائق تاكسي يريد قيادة سيارة مكلفة وغير جيدة كمصدر للرزق.
في الختام
ماذا عنك عزيزي القارئ؟ هل تعتقد أن فورد فوكس مرشحة لأن تكون السيارة الشعبية الجديدة في ليبيا؟ أم أن الهيمنة ستظل دائما للسيارات الكورية؟ شاركني بذلك في قسم التعليقات.
تعديل: بعض الصيانات البسيطة ممكن العثور عليها من هنا.