يصادف اليوم ذكرى المولد النبوي الشريف – وهي عطلة رسمية في ليبيا بالمناسبة -. أريد أن أنتهز هذه الفرصة وأطرح سؤالًا لطالما راودني وألح على تفكيري ولم أجد له إجابة شافية: ما علاقة مولد النبي صلى الله عليه وسلم بتفجير الألعاب النارية؟
مشاهد مألوفة
منذ بداية شهر ربيع الأول يمكن للسائر في شوارع طرابلس – المدينة التي أسكن بها بالمناسبة – رؤية بسطات عشوائية منتشرة كيفما اتفق، تبيع الألعاب النارية بمختلف الأحجام والأشكال. يمكن شراء الألعاب النارية من المحلات التي تتاجر بها في أي وقت، خاصة أن تفجير الألعاب النارية جزء لا يتجزأ من طقوس العرس الليبي. وشراء كمية تكفي لتفجير مدة العرس بطوله يحتاج لميزانية خاصة! وبعض هذه المحلات يبيع السجائر أيضًا، هل ترى نمطًا معي؟
المهم، عودة إلى موضوعنا
منذ بداية شهر ربيع الأول يمكنك بوضوح سماع صوت تفجير الألعاب النارية. يبدأ خفيفًا في البداية لكنه يصل ذروته ليلة المولد النبوي الشريف. يمكن وصفه في بعض المناطق بمعركة شاملة بالأسلحة النارية! أرفق هنا فيديو ألتقط منذ بضع سنين يوضح ما أتحدث عنه.
ما علاقة المولد النبوي بالتفجيرات؟
في الواقع، لا علاقة ولا ارتباط بين ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم وتفجير الألعاب النارية. . لا يبدو الأمر منطقيًا على الإطلاق.
كنت أعتقد أن ليبيا فقط لديها هذه العادة. لكن دولة الجزائر الشقيقة أيضًا تحتفل بنفس الطريقة. هنا فيديو لإصابات يوم المولد من قناة تلفزيونية جزائرية على يوتيوب. أعتذر عن بشاعة المنظر..
تم حذف الفيديو من الموقع ..
أضرار بدنية
كل سنة يدخل أطفال وشباب إلى حجرة الطوارئ بمستشفى الحروق والتجميل بسبب هذه العادة القبيحة. بعضهم يصاب بإصابات جسيمة ودائمة. وعاهات تصل إلى بتر بعض الأصابع، أو حروق شديدة، أو إصابات بالعيون. والسبب بالطبع اللعب بالنار والمفرقعات.. لكن هذا لن يردع جموع المحتفلين المصممين! سيتكرر الأمر كل سنة .. العناد شيء متوارث في الطبيعة الليبية. وأي محاولة لمنع الألعاب النارية أو تحريمها ستؤدي لمزيد من الإقبال. هذا ما يعرف بعلم النفس العكسي.
إرهاق لميزانية الأسرة
أنا لا أعرف أسعار الألعاب النارية. ولم يسبق لي تفجيرها. ظننت دائما أنها حرق للمال فيما لا ينفع. بالتالي لا أستطيع رسم منحنى لتغير أسعار هذه السلعة عبر السنوات. لا أظن أن توفير ألعاب نارية لعدة أطفال لتكفيهم على مدى عدة أيام سيكون أمرًا رخيصًا.. لكنني شاهدت في سوق شعبي بمنطقة (تاجوراء) شخصًا يبيع الألعاب النارية بالبطاقة المصرفية.. بل إنني صنعت ميما عن ذلك في حينه.. لنا عبرة في هذا التاجر الوطني الغيور على أطفال البلاد!!
ليس هناك إحصائية للأموال التي تنفق في هذه المناسبة على مستوى محلي. حيث أن الألعاب النارية يتم تهريبها إلى داخل البلاد بشكل غير قانوني.
المولد النبوي الشريف، والرابع من يوليو، ورأس السنة الصينية
تنزيها للمولد عن المقارنة بأي مناسبة أخرى. لكن ما يجمع هذه المناسبات المتفرقة شرقًا وغربًا هو فرقعة الألعاب النارية. الصينيون بالمناسبة هم من اخترع الألعاب النارية بأصواتها وألوانها – وهي بلد منشأ هذه البضاعة الضارة -. وما يفعله الأمريكيون يوم الرابع من يوليو – يوم تأسيس أمريكا – لا يختلف كثيرًا عما نفعله هنا في المولد. الكثير من التفجيرات.
ويتضح أيضًا أن البعض في المملكة العربية السعودية يحتفل بعيد الفطر بتفجير المفرقعات! هذا رابط من وكالة الأنباء السعودية يتحدث عن ذلك.
هل يمكن أن يكون العيد تجاريًا؟
هناك أمثلة كثيرة من حول العالم حول أعياد ابتدعها التجار وشركات التسويق لتحريك بضاعة راكدة. أفضل مثال على ذلك هو يوم (فالنتاين). الذي حولته شركة (هالمارك) إلى مناسبة تجارية لشراء بطاقات التهنئة. وحركت مخزونًا من ملايين البطاقات التي ما كانت لتباع لولا ذكاء التسويق.
لذلك أتصور أن ربط بيع الألعاب النارية بالمولد النبوي أتى عن طريق تاجر شاطر – بمعنى كلمة الشاطر اللغوي الخبيث الفاجر– استغل مناسبة المولد النبوي الشريف ودروشة الناس لترويج بضاعة ضارة وغير مجدية في مناسبة دينية.
مناسبات مقترحة؟
لماذا لم يقم “الفالح إبن الفالحة” الذي قرر تسويق الألعاب النارية بربطها بمناسبة وطنية؟ مثل “عيد قيام سلطة الشعب” أو “انقلاب سبتمبر” والذي كان يعرف بعيد الأعياد؟ لا أعلم حقيقة! كل هذه المناسبات توقف الناس عن الاحتفال بها – بشكل رسمي على الأقل – عند سقوط نظام القذافي.
في الختام
أثرت أن أبتعد عن الجدل الدائر كل سنة حول الاحتفال بالمولد النبوي الشريف. وقررت تسليط الضوء على ظاهرة سلبية تتكرر كل سنة، دون أن يعرف أحد لها منشأ أو سببًا.
الألعاب النارية أو (الخط ولوح) كما تعرف في ليبيا هي مضيعة للمال، وخطيرة على الصحة، وذات رائحة كريهة، وصوت مزعج يروع الأمنين. لا فائدة ترجى من ورائها.
كما أنني أستنكر أن شعبًا أنهكته قعقعة السلاح، وأصوات المدافع، وخرج لتوه من عشرية حرب الأهلية لم تطوى صفحتها بعد يظهر الفرحة بتفجير الألعاب النارية؟!
ماذا عنك عزيزي القارئ
هل تعرف متى كانت أول سنة احتفل فيها أحدهم بالمولد النبوي الشريف بتفجير الألعاب النارية؟ من سن هذه السنة الخبيثة؟ شاركني في قسم التعليقات.