مرت السنون مر السحاب! منذ أن كنت طالبًا بالمعهد العالي للمهن الإلكترونية، جالسًا بمعمل علوم الأغذية أحاول حل مشكلة عويصة واجهتني أثناء قيامي بالتدريب الميداني. وعندما تمكنت من حلها قمت بنشر الحل على مدونة أنشأتها مساء ذلك اليوم بعد عودتي من المعهد.
لم أكن أعرف أن تلك الفكرة العفوية، والعشوائية. ستتحول إلى نشاط يستمر لعشر أعوام. نشاط يتضخم ليصبح حياتي كلها في بعض الأوقات، ويخبو ويتلاشى حتى أكاد أنساه في أوقات أخرى.
عشرية التدوين
التدوين منح حياتي بعدًا جديدًا، ومعنى لم أكن أتوقع أن أجده بين السطور.
كنت أكتب لأنسى، وأكتب لأتجاوز، وأكتب لأتعلم. وخلال هذه الفترات كنت أعيش حياة أخرى بين الكلمات ..
لم أعرف أن هذه العملية سأدخل إليها شخصًا، وأخرج شخصًا أخر بالكامل!
حكمة صينية قديمة
إن أخفت الأحبار لونًا، يظل أقوى من أقوى الذكريات. أجد أن هذه الحكمة صحيحة. ولمست معناها خلال رحلة التدوين. الأشياء والذكريات التي دونت حولها تظل قوية ومتماسكة في ذاكرتي. وكلما طالعت سطوري حولها، أجد أن مصباحًا ينير دهاليز الظلمة، ويعيد رسم الصورة التي بهتت وكادت تزول.
اليوبيل البرونزي للتدوين
حياتي هي مثل حياة كل شخص. بها صعود وهبوط، ونجاحات وخيبات. والكثير بين ذلك. أرى أن هذا منعكس بين سطور مدونتي وتدويناتها التي تجاوزت الثمانمائة. بعض التدوينات هنا رائع، والبعض الآخر سيء، والكثير متوسط لا يستحق الانتباه.
البحث عن الربح
هذه الرحلة الطويلة غيرت مفهومي حول التدوين. الربح من التدوين لم يعد ربحًا مباشرًا نتيجة الدفع أو الإعلان. بل الربح في الرحلة، والربح في النضج، والربح في الاستمرار على الدرب.
الربح كان في التغيرات العميقة التي خضتها من خلال عملية الكتابة، والنشر، وإعادة النشر. ثم التفكير في كل ما تم ومحاولة إسقاطه على الحياة، وأخذ العبرة منه.
هذا هو أكبر المكاسب من عملية التدوين.
في الختام
شكرا لك عزيزي القارئ لأنك كنت جزءًا من هذه الرحلة الطويلة. ولجلوسك معي أثناء استراحتي من طول المسير. وإلى اللقاء في علامات فارقة أخرى.