هذه التدوينة جاءت بناء على طلب قارئ المدونة النشيط (الحسن)، وهو كثيرًا ما يسألني رأيي في بعض المواضيع، ويطلب أن أدون عنها.
يسرني أن تمكنت أخيرًا من تلبية طلبه. وإن كان تأخري الشديد في فعل ذلك، دليلًا على حاجتي أنا نفسي إلى تنظيم الوقت والعمل عليه. لذلك أستميحك عذرًا عزيزي (الحسن)!

سأحاول جعل هذه التدوينة عامة لأقصى درجة، حيث يمكن أن يستفيد منها الطالب، والموظف، وربة البيت، وعامل التوصيل كذلك إن طالع تدوينتي!

لذلك .. لنتحدث عن أول مثل يصادفنا عن الوقت

”الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك!”

الوقت هو أهم الموارد في الحياة، هو أهم من المال. لذلك توظيف الوقت بشكل جيد من أهم الأمور لتحقيق النجاح في الحياة.

ولكن، أين يذهب الوقت؟

أجد أنه من المفيد في البداية لتصميم خطة للاستفادة من الوقت، هي تتبع ما تقوم به في حياتك اليومية من نشاطات وقياسها مقارنة بالزمن، في جدول بسيط يوضح لك كم تمضي من الوقت في فعل كذا من الأمور.

هذه الأداة مهمة جدًا لتأطير تنظيم الوقت، والاستفادة من كل دقيقة.

يمكنك تحميل هذا الجدول الذي صممته واستخدامه لكي تحدد أين يذهب وقتك بالتحديد. وقد حددت فيه ثمان ساعات للنوم كل يوم (على افتراض أنك تنام ثمانية ساعات كاملة)!

والجدول مصمم ليمكن تعديله حسب الرغبة، سواء من ألوان الخانات، أو حجم الأعمدة، وما إلى ذلك.

تحديد مضيعات الوقت

هذه الخطوة مهمة جدًا، وتأتي بعد جدول الزمن في الأهمية. حيث أننا سنحدد ما هي الأوقات الضائعة، ونعيد توظيفها بشكل ملائم، يخدم أهدافنا قصيرة، وطويلة الأمد.

بعض مضيعات الوقت:

وسائل التواصل الاجتماعي

كتبت كثيرًا، ولا زلت أكتب عن كيف غيرت وسائل التواصل حياتنا اليومية للأبد. بنواح إيجابية أحيانًا، ونواح سلبية كثيرة.
لذلك، إن كنت تمضي الكثير من الوقت على مواقع التواصل، فهذه نقطة يمكن استغلالها لتوفير الوقت. وتحويل الوقت الضائع عليها، إلى وقت نافع مثمر.

الهاتف الذكي

وتطبيقاته المصممة لجعلك مدمنًا عليها. وآه من التطبيقات التي تبتلع الوقت ابتلاعًا! مثل (تيك توك)، وما على شاكلتها من المواقع ذات المقاطع القصيرة، التي تسبب التشتت، ونقص فترات الانتباه، وضياع الوقت.
لكن الهاتف قد يكون صديقًا لك، كما سنرى في فقرات تالية.

الذهاب للمقهى كل يوم للقاء الأصدقاء

تضييع الأمسيات، والليالي، كل ليلة للقاء الأصدقاء، وتدخين (النارجيلة)، وشرب المشروبات المنبهة. سيضيع الوقت بشكل كبير. راجع جدول اجتماعياتك، وفكر كيف يمكن أن تجمع ما بين حياة اجتماعية صحية، ووقت غير مهدر.

هل تستطيع التفكير في مضيعات للوقت غير هذه؟ شاركني بها في قسم التعليقات.

استعادة الوقت الضائع

يمكنك تنصيب بعض التطبيقات التي تساعدك على استرداد الوقت الضائع، أو تحديد وقت للشاشة لا تستخدم الهاتف بعده. أو موانع برمجية تساعدك على ضبط نفسك.

وإن كنت أجد أن خير الدواء، هو الكي. قم بإلغاء تنصيب التطبيقات التي وجدت أنك تضيع الوقت الأكبر عليها، أو حددتها كنشاط متكرر كل يوم في جدولك لا تستفيد منه، لا لدينك، ولا لدنياك.

الهاتف قد يكون حليفك

من المفيد تحديد أوقات لبداية، ونهاية النشاطات، والأعمال على الأجندة التي سنقوم بتحديدها في الخطوات القادمة.
فلنقل أنك بحاجة الجلوس لمدة ساعة لكتابة ورقة بحثية للجامعة، أو مذاكرة فصل من منهاج مادة، أو تنفيذ مهمة مزعجة في عملك. فمن المفيد جدًا تقسيمها لأجزاء صغيرة، وتحديد تلك الأجزاء ضد الزمن.

منهجيتي المفضلة للإنتاجية هي منهجية حبة الطماطم (بومودورو)، ودونت بالتفصيل عن أدوات يمكنك استخدامها سواء على الحاسوب، أو على الهاتف لتكون رفيقتك في العمل.

بهذه الطريقة يصبح الهاتف حليفك في معركتك ضد ضياع الوقت، ويعينك على إنجاز ما عليك من مهام وأعمال. بدلًا أن يكون وبالًا عليك، وسببًا في تضييع وقتك.

قائمة المهام (الأجندة)

هذه الطريقة هي أبسط الطرق، ومن أكثرها فاعلية لإنجاز الأعمال. وتقوم فيها بتحديد خمس دقائق لكتابة ما يجب عليك فعله.
ثم خمس دقائق لترتيبه حسب الأولوية. الأهم فالمهم.


وبعد ذلك رؤية إن كان هناك ما تستطيع تحويله لشخص آخر، فقم بتحويله لهم. ثم ابدأ في العمل، ولا تنس ضبط المؤقت.
ثم قم بمراجعة الأجندة خلال اليوم ورؤية ما تم إنجازه، وما تم تأجيله أو تحويله، وما لم تستطع إنجازه اليوم، وستقوم بترحيله ليوم الغد.

تجد هنا مستندًا للأجندة اليومية يمكنك تحميله، والتعديل عليه، أوطباعته ليساعدك في تنظيم الوقت.

مصفوفة تنظيم الوقت

تساعدك هذه المصفوفة على تصنيف مهماتك وتحديد أي منها مهم، وأي منها غير مهم. ضد عامل الزمن.
الربع الأول: عاجل ومهم. ما يعني أنه سيكون أول أولويات التنفيذ بالنسبة لك، وهو لا ينتظر. مثل الدراسة للامتحان النصفي، أو موعد التسليم النهائي الذي تم تأجيله مرتين قبل الآن!
الربع الثاني: مهم، وغير عاجل. هذا القسم للأنشطة المهمة التي تستحق وقتك، لكن يمكن تأجيلها قليلًا، مثل التدريب والتطوير، والتخطيط وفرص النمو.
الربع الثالث: عاجل، وغير مهم. هذه النشاطات التي طبيعتها ملّحة، ولكنها ليست هامة. مثل بعض المكالمات الهاتفية، والاجتماعات، وتسليم بعض التقارير. وما إلى ذلك من الأنشطة.
الربع الرابع: غير مهم، وغير عاجل. وهذا القسم يتضمن الأنشطة الترفيهية، والأنشطة الاجتماعية في العمل، والرد على بعض رسائل البريد الإلكتروني. ما يمكنك عمله عند وجود وقت كاف. ويمكنه أن ينتظر.

حمّل هذه المصفوفة من هذا الرابط.

ما هو وقتك الأفضل؟

لكل شخص وقت يصفو فيه ذهنه، وتتجدد فيه همته للعمل.
البعض يقسم بالوقت ما بعد صلاة الفجر، وحتى طلوع الشمس.
والبعض الآخر يفضل العمل من بعض صلاة العشاء حتى طلوع الفجر.
وبعض الناس يفضل العمل من الصباح حتى الظهيرة قبل وقت الغداء.

عليك التجربة والبحث حتى تجد الوقت الأفضل، وذلك الوقت تقوم فيه بالعمل الأهم، والأول على الأجندة.

الاستمرارية

لعل هذه النقطة هي الأهم في إدارة الوقت، أو اكتساب أي من العادات. يجب أن تواظب على هذه الخطوات، وهذه الأفكار، وهذه النشاطات. حتى تصير عادات.
بدون الاستمرارية، تصبح حصص العمل أقرب لفترات النشاط الغير منتظم، وغير المنتج، وغير المفيد. أشبه بالعمل الموسمي، أو الحولي!

في الختام

آمل أن تكون هذه الأفكار والنصائح عن توفير، وتنظيم الوقت قد أفادتك عزيزي القارئ، ووجدت فيها بعض الخطوط العريضة لتصمم خطتك الخاصة لتنظيم الوقت. وأن تكون بثت فيك الحماسة للنهوض والعمل.
ولا أنسى هنا أن أنسب الفضل لأهله، وأتذكر أستاذنا الراحل (محمد الفرجاني)، ومادة (مهارات دراسية) التي تتلمذت فيها على يديه. وأدعو له الله بالرحمة، والمغفرة.

وأقتبس منه جملته الشهيرة:

“الأعمال التي ليس لها تاريخ نهاية، لا تنتهي أبدًا”.

ماذا عنك عزيزي القارئ؟ هل لديك نصائح لتضيفها لهذه التدوينة؟ أسرار خاصة في تنظيم الوقت؟ شاركني بها في قسم التعليقات، وشكرًا لك على القراءة.